(والحمى) لأن فقد النوم يثيرها والحمى حرارة غريبة تشتعل في القلب فتنبث به في جميع البدن ثم لفظ الحديث خبر ومعناه أمر أي كما أن الرجل إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده فكذا المؤمنون ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويقصدوا إزالتها.
(حديث أبي موسى الأشعري في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير.
(المؤمن للمؤمن كالبنيان) أي الحائط لا يتقوى في أمر دينه ودنياه إلا بمعرفة أخيه كما أن بعض البنيان يقوى ببعضه.
(يشد بعضه بعضاً) بيان لوجه التشبيه وبعضاً منصوب بنزع الخافض أو مفعول يشد وتتمته كما في البخاري ثم شبك بين أصابعه أي يشد بعضهم بعضاً مثل هذا الشد فوقع التشبيك تشبيهاً لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض كما أن البنيان الممسك بعضه ببعض يشد بعضه بعضا وذلك لأن أقواهم لهم ركن وضعيفهم مستند لذلك الركن القوي، وفيه تفضيل الاجتماع على الانفراد ومدح الاتصال على الانفصال فإن البنيان إذا تفاصل بطل وإذا اتصل ثبت الانتفاع به بكل ما يراد منه.
قال ابن مفلح رحمه الله تعالى في الآداب الشرعية:
" ومما لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ , وَيَغْفِرَ زَلَّتَهُ , وَيَرْحَمَ عَبْرَتَهُ , وَيُقِيلَ عَثْرَتَهُ , وَيَقْبَلَ مَعْذِرَتَهُ , وَيَرُدَّ غِيبَتَهُ , وَيُدِيمَ نَصِيحَتَهُ , وَيَحْفَظَ خِلَّتَهُ , وَيَرْعَى ذِمَّتَهُ , وَيُجِيبَ دَعْوَتَهُ , وَيَقْبَلَ هَدِيَّتَهُ , وَيُكَافِئَ صِلَتَهُ , وَيَشْكُرَ نِعْمَتَهُ , وَيُحْسِنَ نُصْرَتَهُ , وَيَقْضِيَ حَاجَتَهُ , وَيَشْفَعَ مَسْأَلَتَهُ , وَيُشَمِّتَ عَطْسَتَهُ , وَيَرُدَّ ضَالَّتَهُ , وَيُوَالِيَهُ , وَلَا يُعَادِيَهُ , وَيَنْصُرَهُ عَلَى ظَالِمِهِ , وَيَكُفَّهُ عَنْ ظُلْمِهِ غَيْرِهِ , وَلَا يُسْلِمَهُ , وَلَا يَخْذُلَهُ , وَيُحِبَّ لَهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ , وَيَكْرَهَ لَهُ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ " أهـ
(34) دفع السيئة بالحسنة: