وكان بين حسن بن حسن وعلي بن الحسين بعضُ الأمر، فجاء حسن بن حسن إلى علي بن الحسين وهو في أصحابه في المسجد، فما ترك شيئاً إلا قاله له وعلي ساكت. فانصرف حسن فلما كان من الليل أتاه في منزله فقرع عليه بابه، فخرج إليه، فقال له علي: يا أخي إن كنت صادقاً فيما قلت لي فغفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك، السلام عليكم. وولى، قال: فاتبعه حسن فالتزمه وبكى حتى رُثي له ثم قال: لا جرم لا عدتُ في أمر تكرهه. فقال علي: وأنت في حل مما قلت لي (?).
فانظر أخي الكريم إلى أخلاق أهل بيت النبوة فأين نحن منها؟ يختلف الرجلان فينا فيتهاجران الدهر كلَّه، وقد لا يشهد أحدُهما جنازةَ الآخر.
وعندما سُرق للربيع بن خُيثم فرس كان أعطي به عشرين ألفاً قالوا له: ادع الله عليه فقال: اللهم إن كان غنياً فاغفر له وإن كان فقيراً فأغنه.
فسبحان من منَّ عليهم بهذه القلوب الطاهرة.
وكان عبد الله بن المبارك - رحمه الله - إذا كان وقتُ الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو فيقولون: نصحبك، فيقول: هاتوا نفقاتِكم، فيأخذ نفقاتهِم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها ثم يكتري لهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيبَ الحلوى ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زيٍّ وأكمل مروءة حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طُرَفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو فيجصِّص بيوتهَم وأبوابهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة وكساهم فإذا أكلوا وسرُّوا دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته عليها اسمه (?).
هذه صور قليلة من أخلاق السلف رحمهم الله، وأخبارهم في هذا الباب أكثر من أن تحصر.
طرق اكتساب حسن الخلق:
هناك طرق متعددة، وأسباب متنوعة تعين الشباب على التخلق بالأخلاق الإسلامية المحمودة (?)، فمنها ما يلي: