وَلَمَا دَخَلَ الْحُرُّ بْنِ حِصْن عَلَى عُمَرَ ابْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ فَقَالَ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ" (?).

وقال علي رضي الله عنه:" يا عجباً لرجل مسلم يجيئه أخوه المسلم في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلاً، فلو كان لا يرجو ثواباً ولا يخشى عقاباً، لقد كان ينبغي له أن يسارع إلى مكارم الأخلاق، فإنها مما تدل على سبيل النجاة ... ".

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " دعتني أم حبيبة عند موتها فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك، فقلت: غفر الله لك ذلك كلَّه وحللَّك من ذلك، فقالت: سررتني سَّرك الله، وأرسلت إلى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك " (?).

هذه جملة من أخلاق أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتلاميذه الأطهار رضي الله عنهم:

صور من أخلاق سلف الأمة:

وعلى نهج أولئك الأصحاب سار سلف الأمة رحمهم الله تعالى, فضربوا أروع الأمثال في حسن الخلق وطيب المعشر وسلامة الصدر ورحابة النفس وجود اليد حتى إن الإنسان لا يملك عينيه وهو يتصفح سيرهم العطرة، ودونك طائفةً من أخبارهم:

خاصم رجل الأحنف رحمه الله فقال: لئن قلت واحدة لتسمعن عشراً، فقال له الأحنف: لكنك إن قلت واحدة لم تسمع واحدة.

ودخل أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة، فمر برجل نائم فعثر به، فرفع رأسه وقال: أمجنونٌ أنت؟ فقال عمر: لا، فهمَّ به الحرس، فقال عمر: مه، إنما سألني أمجنون؟ فقلت: لا (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015