(وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) (يوسف: من الآية21)، وقال الله تعالى حكاية عه أنه قال لإخوته: (أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا) (يوسف: من الآية90)، وقال تعالى في قصة موسى عليه السلام وما حصل له ولقومه من أذى فرعون وكيده قال لقومه: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) (لأعراف: من الآية128)، وقد أخبر الله تعالى أن المكر يعود وباله على صاحبه قال تعالى: (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) (فاطر: من الآية43)، وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا) (الأنعام: من الآية123)، والواقع يشهد بذلك فإن من سبر أخبار الناس وتواريخ العالم وقف على أخبار من مكر بأخيه فعاد مكره عليه وكان ذلك سبباً في نجاته وسلامته على العجب العجاب.
(6) التعاون فيما بين الإخوان:
ولنا في ذلك قدوة وأسوة، وأعظم به من قدوة-رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وما كان جناب الرسالة مانعاً له صلى الله عليه وآله وسلم من مشاركته أصحابه، وتقديم العون لهم. ومن ذلك مشاركته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه في بناء مسجده في المدينة.
(حديث أنس - رضي الله عنه - الثابت في الصحيحين) قَالَ: وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ.
ومثله يوم الخندق:
(حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين) قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْخَنْدَقِ فَإِذَا الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ يَحْفِرُونَ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَبِيدٌ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ لَهُمْ فَلَمَّا رَأَى مَا بِهِمْ مِنْ النَّصَبِ وَالْجُوعِ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ فَقَالُوا مُجِيبِينَ لَهُ نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا.
(حديث أبي موسى الثابت في الصحيحين) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.