(فالعاقل يربأ بنفسه عن سفساف الأمور وعن مخالطة السفلة ومزاحهم مطلقا، وكذلك عن مزاح من هو أكبر منه لما ذكرنا من الحقد وخرق الحرمة، ولا بأس به بين الإخوان بما لا أذى فيه ولا ضرر ولا غيبة ولا شين في عرض أو دين، قاصدا به حسن العشرة والتواضع للإِخوان والانبساط معهم ودفع الحشمة بينهم من غير استهتار أو إخلال بمروءة أو نحوه استنقاص بأَحد منهم، فقد قيل للخليل بن أحمد إنك تمازح الناس فقال: الناس في سجن ما لم يتمازحوا.
وفي الاقتداء بمن ذكر والاقتفاء بآثارهم أعظم بركة، وفي الخروج عن ذلك الحد أشد عنآء وأبلغ هلكة، وخير الأمور أوساطها.
(19) الغضب:
يجب على المسلم أن يتخلى عن الغضب لأن الغضب يجعل الإنسان مفلوت الزمام مما يقوده إلى عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، والإنسان إذا كان غضبه يقوده لعب به الشيطان كما يلعب الصبيان بالكرة، وترك الغضب وصية النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنص السنة الصحيحة
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن رجلاً قال للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أوصني. قال لا تغضب. فردد مراراً قال: لا تغضب.
(حديث أبي الدرداء في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لا تغضب ولك الجنة.
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ليس الشديد بالصُرعة و إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب.
(حديث معاذ ابن أنس في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من كظم غيظا و هو قادر على أن يُنْفِذَه دعاه الله على رءوس الخلائق حتى يخيره من الحور ما شاء.
{تنبيه}: (أن كظم الغيظ يمكن اكتسابه بترويض النفس فلا ينبغي للإنسان أن يستوطئ العجز ولا أن يقول أنني جُبلت على ذلك فإنه من يتحرى الخير يُعطه ومن يتق الشر يُوَقَّه بنص السنة الصحيحة.
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يُوّقَّه.
مسألة: ما هي كيفية علاج الغضب؟
هناك عدة أدوية نافعةٌ بإذن الله تعالى لعلاج الغضب منها:
(1) الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم لقوله تعالى: (وَإِماّ يَنَزَغَنّكَ مِنَ الشّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [سورة: الأعراف - الآية: 200]