(وسئل عن أَكل لحم الشيطان فقال: نحن نرضى منه بالكفاف. وقال له رجل: ما اسم امرأَة إِبليس؟ فقال: ذاك نكاحٌ ما شهدناه.
(وأورد أبو البركات الغزني رحمه الله في المراح في المزاح عن ابن عياش قال: رأَيت عَلَى الاعمش فروةً مقلوبةً صوفها إلى خارج، فأصابنا مطر فمررنا على كلب فتنحى الاعمش وقال: لا يحسبنا شاةً.
(ووقع بين الأعمش وامرأته وحشة فسأل بعض أصحابه ويقال: إِنه أبو حنيفة أَن يُصلح بينهما فقال: هذا سيدُنا وشيخُنا أَبو محمد فلا يزهدنَّكِ فيه عَمشُ عَينَيه، وحُموشة ساقَيه، وضعف ركبتَيه، وقَزَل رجليه وجعل يصف فقال الأعمش: قم عنا قّبحك الله فقد ذكرت لها من عيوبي ما لم تكن تعرفه.
(وأورد أبو البركات الغزني رحمه الله في المراح في المزاح أن رجلاً جاء إِلى أبي حنيفة فقال له: إِذا نزعت ثيابي ودخلت النهر أَغتسل فإِلى القبلة أتوجّه أم إِلى غيرها؟ فقال له: الآفضل أَن يكوم وجهُك إِلى جهة ثيابك لئلا تُسرَق.
(وأورد أبو البركات الغزني رحمه الله في المراح في المزاح أن رجلاً أَقَّر عند القاضي شريح بشيء ثم ذهب لينكر فقال شريح: قد شهد عليك ابن أُخت خالتك.
{تنبيه}: (إِذا خرج المزح إِلى حدّ الخلاعة فهو هُجنَةٌ ومَذَمةٌ:
(قال أبو البركات الغزني رحمه الله في المراح في المزاح:
إِذا خرج المزح إِلى حدّ الخلاعة فهو هُجنَةٌ ومَذَمةٌ، ومما عُدّ منه ما حكي عن أبي معاوية الضرير وكان محدثا أَنه خرج يوما إِلى أَصحابه وهو يقول:
فإِذا المِعدة جاشت ... فارمِها بالمِنجَنيقِ
بثلاثِ من نبيذٍ ... ليس بالحُلوِ الرَّقيق
(أمَا ترى كيف طرق بخلاعته التهمة إِلى نفسه بهذا المزح بما لعله بريٌء من وبعيد عنه؟
(ومن مستحسن المزح ومستسمح الدُّعابة ما حكي عن الإمام القشيري أنه وقف علية شيخ من الأعراب فقال له: يا أَعرابي ممن أَنت? فقال: من بني عَقِيل فقال: من إِي عقيل? قال من بني خَفَاجة فقال القشيري:
رأَيتُ شيخاً من بني خَفَاجَه
فقال الأَعرابي: ما شأنه؟ فقال:
له إِذا جنَّ الظلامُ حاجَه
فقال الأَعرابي: ما هي؟ قال:
كحاجة الدّيك إِلى الدَّجاجَة
فأستغرب الأَعرابي وقال: قاتلك الله ما أَعرفَك بسَرائر القوم. فانظر كيف بلغ بهذا المزج غايته ولسانه وعرضه مصون.