فكيف يستجيز المسلم إباحة ما نهى عنه رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وسماه صوتا أحمق فاجراً، ومزامير الشيطان، وجعله والنياحة التي لعن فاعلها أخوين؟ وأخرج النهى عنهما مخرجاً واحداً، ووصفهما بالحمق والفجور وصفا واحدا.

(وأما تسميته صوت الشيطان:

فقد قال تعالى للشيطان وحِزْبه: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اُسْتَطَعْتُ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فى الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُوراً} [الإسراء: 63 - 64].

قال ابن أبى حاتم في تفسيره: حدثنا أبى أخبرنا أبو صالح كاتب الليث حدثنا معاوية بن صالح عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قال: "كل داع إلى معصية".

ومن المعلوم أن الغناء من أعظم الدواعي إلى المعصية، ولهذا فسر صوت الشيطان به. قال ابن أبى حاتم: حدثنا أبى. أخبرنا يحيى بن المغيرة. أخبرنا جرير عن ليث عن مجاهد قال: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اُسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ}

قال: "استزل منهم من استطعت قال: "وصوته الغناء، والباطل".

وبهذا الإسناد إلى جرير عن منصور عن مجاهد قال: "صوته المزامير".

ثم روى بإسناده عن الحسن البصري قال: "صوته هو الدف".

وهذه الإضافة إضافة تخصيص، كما أن إضافة الخيل والرجل إليه كذلك، فكل متكلم بغير طاعة الله، ومصوت بيراع أو مزمار، أو دف حرام، أو طبل، فذلك صوت الشيطان، وكل ساع في معصية الله على قدميه فهو من رجله، وكل راكب في معصية الله فهو من خيالته، كذلك قال السلف، كما ذكر ابن أبى حاتم عن ابن عباس قال: "رجله كل رجل مشت فى معصية الله".

وقال مجاهد: "كل رجل يقاتل في غير طاعة الله فهو من رجله".

وقال قتادة: "إن له خيلاً ورجلاً من الجن والإنس".

(وأما تسميته مزامير الشيطان:

(حديث عائشة الثابت في الصحيحين) قالت: دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذلك في يوم عيد فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا

[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه إغاثة اللهفان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015