قال قتادة: "لما أهبط إبليس قال: يا رب لعنتني، فما عملي؟ قال: السحر، قال فما قرآني؟ قال: الشعر، قال: فما كتابي؟ قال: الوشم، قال: فما طعامي؟ قال: كل ميتة، وما لم يذكر اسم الله عليه، قال: فما شرابي؟ قال: كل مسكر، قال: فأين مسكني؟ قال: الأسواق، قال فما صوتي؟ قال: المزامير، قال: فما مصايدي؟ قال: النساء".
وأما كونه الشعر قرآنه فشاهده الحديث الآتي:
(حديث أبي سعيد الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه.
[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
(مِنْ هَمْزِهِ) بَدَلُ اشْتِمَالٍ أَيْ وَسْوَسَتِهِ
(وَنَفْخِهِ) أَيْ كِبْرِهِ الْمُؤَدِّي إِلَى كُفْرِهِ
(وَنَفْثِهِ) أَيْ سِحْرِهِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: النَّفْخُ كِنَايَةٌ عَنِ الْكِبْرِ كَأَنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفُخُ فِيهِ بِالْوَسْوَسَةِ فَيُعَظِّمُهُ فِي عَيْنِهِ وَيُحَقِّرُ النَّاسَ عِنْدَهُ. وَالنَّفْثُ عِبَارَةٌ عَنِ الشِّعْرِ لِأَنَّهُ يَنْفُثُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ فِيهِ كَالرُّقْيَةِ انْتَهَى وَقِيلَ مِنْ نَفْخِهِ أَيْ تَكَبُّرِهِ يَعْنِي مِمَّا يَأْمُرُ النَّاسَ بِهِ مِنَ التَّكَبُّرِ، وَنَفْثُهُ مِمَّا يَأْمُرُ النَّاسَ بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ الْمَذْمُومِ مِمَّا فِيهِ هَجْوُ مُسْلِمٍ أَوْ كُفْرٌ أَوْ فِسْقٌ، وَهَمْزِهِ أَيْ مِنْ جَعْلِهِ أَحَدًا مَجْنُونًا بِنَخْسِهِ وَغَمْزِهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ،
قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي: مِنْ هَمْزِهِ فُسِّرَ فِي الْحَدِيثِ بِالْمَوْتَةِ وَهِيَ شَبَهُ الْجُنُونِ، وَنَفْخِهِ فُسِّرَ بِالْكِبْرِ، وَنَفْثِهِ فُسِّرَ بِالشِّعْرِ. أهـ
(ولما علم الله رسوله القرآن وهو كلامه صانه عن تعليم قرآن الشيطان. وأخبر أنه لا ينبغي له، فقال:
{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِى لَهُ} [يس: 69].
(وأما تسميته بالصوت الأحمق، والصوت الفاجر:
فهي تسمية الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى.
(حديث جابر رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: لم أنه عن البكاء إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة مزمار شيطان و لعب و صوت عند مصيبة خمش وجوه و شق جيوب و رنة شيطان و إنما هذه رحمة.