فهذه آثار اليقظة وموجباتها، وهى أول منازل النفس المطمئنة التي ينشأ منها سفرها إلى الله والدار الآخرة.
ثانياً: النفس اللوامة:
[*] قالت طائفة: هي التي لا تثبت على حال واحدة، فهي كثيرة التقلب والتلون، فتذكر وتغفل، وتقبل وتعرض، وتحب وتبغض، وتفرح وتحزن، وترضى وتغضب، وتطيع وتتقى.
[*] وقالت أخرى: هي نفس المؤمن، قال الحسن البصري: إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائماً يقول: ما أردت هذا؟ لم فعلت هذا؟ كان هذا أولى من هذا؟ أو نحو هذا الكلام.
[*] وقالت أخرى: اللوم يوم القيامة، فإن كلّ أحد يلوم نفسه إن كان مسيئاً على إساءته، وإن كان محسناً على تقصيره.
[*] يقول الإمام ابن القيّم: وهذا كله حق.
واللوامة نوعان: لوامة ملومة، ولوامة غير ملومة.
اللوامة الملومة: هي النفس الجاهلة الظالمة، التي يلومها الله وملائكته.
اللوامة غير الملومة: وهي التي لا تزال تلوم صاحبها على تقصيره في طاعة الله - مع بذله جهده – فهذه غير ملومة وأشرف النفوس من لامت نفسها في طاعة الله، واحتملت ملام اللوام في مرضاته، فلا تأخذها في الله لومة لائم، فهذه قد تخلصت من لوم الله، وأما من رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها، ولم تحتمل في الله ملام اللوام، فهي التي يلومها الله عز وجلّ.
ثالثاً: النفس الأمارة السوء:
وهذه النفس المذمومة، فإنها تأمر بكل سوء، وهذا من طبيعتها، فما تخلص أحد من شرها إلا بتوفيق الله، كما قال تعالى حاكياً عن أمرأة العزيز:
{وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (يوسف: الآية 53).
[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره:
تقول المرأة: ولست أبرئ نفسي، فإن النفس تتحدث وتتمنى؛ ولهذا راودته لأنها أمارة بالسوء،
{إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي} أي: إلا من عصمه الله تعالى، {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} أهـ
وقال عز وجل: {ولولاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا} (النور: من الآية 21).
وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلمهم خطبة الحاجة: كما في الحديث الآتي: (