وهذه قصة موسى ـ مثلا ـ تحكي في كل مرحلة من مراحل حياته أو دعوته عناية الله به وبالدعوة، وإملاء الله للظالمين، والتمكين لهذه الدعوة ولنتأمل قوله -تعالى-: (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ) [سورة القصص، الآية: 8]. وقوله -تعالى-: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) [سورة القصص، الآية: 13]. وقوله - عز وجل -: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [سورة القصص، الآية: 20]. ولما قال بعض قومه (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [سورة الشعراء، الآية: 61]. قال لهم واثقا: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [سورة الشعراء، الآية: 62]. وهكذا قصص الأنبياء تبين حفظ الله لدعوته، وإملاءه للطغاة الظلمة، حتى تتمكن هذه الدعوة الربانية (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) [سورة القصص، الآية: 5].

ويعجبني أن أذكر هنا قصة مشهورة تبين نقاء النظرة، وصفاء السريرة لرجل من عامة الناس، فإن آباءنا يذكرون أنه في أثناء حصار إحدى المدن، حدث أن بدء الناس يتحدثون عن الطائرات التي قد يستخدمها العدو، ففزع بعض الناس وخافوا، ولم يكونوا رأوا الطائرات بعد، فجاء هذا الأعرابي، وسأل الناس عن هذه الطائرات؟ قالوا: شيء يأتي من فوق يرمينا بالقنابل، فقال: بفطرته السليمة - أهي فوق الله أم الله فوقها؟! فلما أجابوه بأن الله أعلى منها، قال: لا تهمكم. وما أحوجنا إلى أمثال أصحاب هذه الفطر السليمة.

وهذه قصة أخرى تتميما للفائدة، إلا إن صاحبها شاعر فاسق ماجن وهي أنه لما قام أحد رؤساء الدول العربية، وقال: إن (99%) من أوراق القضية الفلسطينية بيد أمريكا، ومعنى هذا: أن نستسلم لأمريكا، ونسلمها مقاليد الأمور، فرد عليه هذا الشاعر الفاسق قائلا:

ولتعلم أمريكا أنها ليست هي الله العزيز القدير:

ولن تمنع الطائر من أن يطير

(وصدق وهو كذوب).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015