وهو أرض مثمرة لأمراض القلوب وأدوائه، فالتعالي والتفاخر والكبر وغيرها من أمراض القلوب تنطلق من هذه الأرض، ففيها تنبت ومنها تثمر.
ولعلنا الآن نبين شيئا من الأمراض والأدواء التي يكثر امتحان القلب بها، إلا إننا سنقدم لها تنبيهات مهمة:
{تنبيهات مهمة}:
أولا: الحذر، الحذر من قيام الأخ إذا علم بهذه الأمراض والعلل بتصنيف الناس وينزل هذه الأمراض عليهم، فإن فعل ذلك أحد فهو أول الراسبين، فإن أعمال القلوب لرب القلوب -جل وعلا- يقول الله -سبحانه وتعالى- مخاطبا نبيه في حق المنافقين: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) [سورة النساء، الآية: 63]. وإنما الصواب في أن نعرفها، فنصحح قلوبنا، ونقيها هذه الأدواء.
ثانيا: وكما يحذر الإنسان مما سبق، فينبغي ألا ينشغل بقلوب الناس عن قلبه، ولنتدبر أيها الإخوة هذه القصة المعبرة بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
((حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) بعثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبَّحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال: فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فقال لي: (يا أسامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله). قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً، قال: (أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله). قال: فما زال يكررها علي، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.
والله -سبحانه وتعالى- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) [سورة النساء، الآية: 94]. فلا ينبغي التمادي في ذلك، والتساهل فيه.