(وكذلك موسى _ عليه السلام _ دعا على فرعون عندما طغى، وتجبر، وتسلط، ورفض الهدى ودين الحق؛ فاستجاب الله لهما، وحاق بالظالمين الخزي في الدنيا، وسوء العذاب في العقبى.

وكذلك الحال بالنسبة لكل من ظُلِم، واستُضْعِف؛ فإنه إن لجأ إلى ربه، وفزع إليه بالدعاء _ أجابه الله، وانتصر له وإن كان فاجرًا.

ولله درُّ من قال:

أما والله إن الظلم شؤم ... ومازال المسيء هو الظلوم

إلى ديّان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم

هل يظن الظالم بأن الله غافل عنه، لا يعلم عنه، لا يقدر عليه؟ إن الله يمهل الظالم لكن لا يهمله، يصبر - عز وجل- على الظلمة ولكن إذا أخذهم لم يفلتهم. قال الله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}

[سورة النحل/ 61]

فيا أيها الظالم: اتق دعوة المظلوم، لا تعرض نفسك لدعائه؛ لأن دعوة المظلوم مستجابة. اتق دعوة المظلوم فإنها تُحمل على الغمام ويقول الله تعالى: ((وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)). اتق دعوة المظلوم وإن كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب، فكيف بالمظلوم إن كان مسلماً، كيف بالمظلوم إن كان صالحاً تقياً.

والسنة الصحيحة طافحةٌ بما يدل على شناعة الظلم وأن الله تعالى يستجيب دعوة المظلوم وإن كان فاجرا، وهاك غيضٌ من فيض مما ورد في هذا:

(حديث ا بن عباس في الصحيحين) قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمعاذٍ ابن جبل حين بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتُردُ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائمَ أموالهم، واتقِ دعوةَ المظلومِ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.

(حديث خزيمة بن ثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اتقوا دعوة المظلوم فإنها تُحْمَلُ على الغمام يقول الله: و عزتي و جلالي لأنصرنك و لو بعد حين.

(حديث ابن عمر في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015