ولله درُّ من قال:
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا ... فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ ... يدعو عليك وعين الله لم تنم
و حبس الرشيد أبا العتاهية الشاعر فكتب إليه من السجن هذين البيتين شعرا:
أما و الله إن الظلم شؤم ... و ما زال المسيء هو المظلوم
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا ... غدا عند المليك من الملوم
ولله درُّ من قال:
توق دعا المظلوم إن دعاءه ... ليرفع فوق السحب ثم يجاب
توق دعا من ليس بين دعائه ... و بين إله العالمين حجاب
و لا تحسبن الله مطرحا له ... و لا أنه يخفى عليه خطاب
فقد صحَّ أن الله قال و عزتي ... لأنصر المظلوم و هو مثاب
فمن لك يصدق ذا الحديث فإنه ... جهول و إلا عقله فمصاب
دخل طاوس اليماني على هشام بن عبد الملك فقال له: اتق الله يوم الأذان قال هشام: وما يوم الأذان؟ قال: قال الله تعالى: {فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} فصعق هشام فقال طاوس: هذا ذا الصفة فكيف بذل المعاينة؟ يا راضيا باسم الظالم كم عليك من المظالم؟ السجن جهنم و الحق الحاكم!
أخي هل تعتقد أن الإنسان المظلوم يعيش مثل الإنسان الطبيعي؟
هل يحس بما نحس به نحن الآن؟ هل تعتقد بأن حياته طبيعية وشعوره عادي؟ إذا كنت تعتقد ذلك فأعد النظر يا صديقي!
الإنسان المظلوم لا يعيش حياته كغيره من البشر .. لا يعيش ولا يحس كالأشخاص الطبيعيين .. لا يحس بطعم الشراب ولا الطعام! لا يستطيع أن يستمتع بحياته! بل لا يستطيع حتى أن يبتسم مثلي ومثلك!!! الإنسان المظلوم يصاب بالإكتئاب .. الإنسان المظلوم باختصار يحس بأن هنالك صخرة بحجم الكرة الأرضية .. بل بحجم العالم كله .. تجثم على صدره!
وعندما يحاصَر المظلوم من كل جهة، ويضيّق عليه الخناق، فلا يستطيع الانتصار لنفسه ممن ظلمه، ولا يقدر على التخلص من الظلم الصارخ الذي أحاط به من كل جانب، يرفع يديه إلى السماء، فتَفتح له السماء أبوابها، وتأتيه منافذ الفرج، ويتنزل عليه المدد، إنه مدد السماء، من رب الأرباب، وخالق الأسباب، مهلك الجبابرة، وقاصم القياصرة، الذي أهلك عاداً الأولى، وثمود فما أبقى، وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى.
إن رحمة الله - تبارك وتعالى - تتجلى في هذا السلاح الفتاك الذي منحه الله للمظلومين، بل إن الظلمة مهما بلغوا من الطغيان أفراداً كانوا أو دولاً، قد يسقطون بسبب الدعاء.
(ولهذا دعا نوح _ عليه السلام _ على قومه عندما استضعفوه، وكذَّبوه، وردُّا دعوته.