وهذه المَرْتَبة سَبَباَ في أن تكون دَعْوَتُهُ مُسْتَجَابَةٌ0
وفي هذا رَدّاً بَلِيغاً على من أهْمَلَ دُعَاءَ السُّجُودِ، وفَضَّلَ عليه دُعَاءَ القيام، فَتَرَاهُ يختصر من وقت السُّجُودِ لصالح دُعَاءِ القيام، وهذا خلاف الأولى والأفضل والأكمل وهو إطالة السُّجُودِ وكثرة الدُّعَاءِ فيه 0
كما أن هناك أدعية مأثورة مخصوصة لا تُقَالُ إلا في موضع السُّجُودِ فَعَلَى الإمام أن يُمْهِلَ المُصَلِّينَ في سُجُودِهِمُ حتى يَدْعُوا بِهَا، ولا يَعْجَلَ فَيَجْرِمَهُم أجْرَهَا وبِرِكَتَهَا بِدَعْوَى أنَّهُ سَيَدْعُوا لهم في القُنُوتِ، فَلَيْسَ الدُّعَاءُ حَالَ القِيَامِ كالدُّعَاءِ حَالَ السُّجُودِ0
(طلب الإنسان الدعاءَ من غيره:
طلب الإنسان الدعاءَ من غيره _ وإن كان جائزًا في الأصل _ فيه عدة محاذير منها:
1 - أن فيه نوع مسألة، فكونك تطلب الدعاء من غيرك، فيه نوع من الذلة والمسكنة له، فأنت ستلين له القول وتخضع له، وهذا نوع مسكنة، فلا ينبغي ذلك.
(2) أن ذلك مدعاة لترك الدعاء، والاعتماد على الآخرين، ومن اعتمد على غيره في الدعاء، فهذا يجعله يهمل دعاءه لنفسه، بل قد لا يبحث في أمور الدعاء المهمة، كأسباب الإجابة، وموانعها، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بالدعاء، والمصيبة أنه قد ينسى كيفية الثناء على الله تعالى، وقد يترك الخشوع والانكسار حال دعائه، لأنه لم يعتد مثل هذا الأمر بل وكل فيه غيره، بل وقد يترك الدعاء بالكلية لأنه فقد حلاوته.
(3) الأصل في الدعاء أن يدعو الإنسان لنفسه، ولا يطلب من غيره أن يدعو له، لأنه أعلم بحقائق أموره من غيره، وهو أعلم الناس بما يريد من دعائه، وما يطلبه من ربه، فليس من المعقول أن يذهب لإنسان من الناس ويطلب منه أن يدعو له ويقول: أذكر في دعائك لي كذا وكذا، فالأصل أن يتضرع العبد لربه ويتعرض لنفحاته ويدعو لنفسه.
(4) أن طلب الدعاء من الغير، قد يدخل العُجب إلى من طُلب منه الدعاء، فيظن في نفسه أنه قد بلغ منزلة الأولياء، وأن دعاءه لا يُرد، فيهلك عند ذلك.