سبحان الله! أتيئس من روح الله؟ أم تحجر رحمة الله؟ أما علمت أن دعاء الوالد مستجاب، وأن الدعوة الصالحة قد تدركه ولو بعد حين، إما أن يكون ذلك في حياتك فترى صلاحه واستقامته، أو بعد مماتك وفراقك الدنيا، فتسعد ببركة دعائه.
ثم ماذا يضيرك من الدعاء؟
ثم إن الولد ولدك مهما كان، والعرب تقول: أنفك منك وإن ذَنَّ (?)، وعيص (?) منك وإن كان أشَبًا (?). (?)
وكذلك الحال بالنسبة لبعض المسلمين؛ فما أن يشاهد ما عليه المسلمون من التمزق، والتخلف والتفرق _ إلا ويدِب اليأس إلى قلبه، وإذا قيل له: ادع للمسلمين بأن يصلح الله أحوالهم، هز عطفيه، وأومأ برأسه موحيًا بأن لا أمل في الإصلاح؛ فلا داعي _ إذًا _ للدعاء.
كل ذلك خطأ، ومنافٍ للثقة بالله _ عز وجل _ والتصديق بوعده الصادق الذي لا يختلف.
(26) أن يفصل الداعي تفصيلاً لا لزوم له:
كما يقول بعض الناس: اللهم اغفر لآبائنا، وأمهاتنا، وأجدادنا، وجداتنا، وأخوالنا، وخالاتنا، وأعمامنا، وعماتنا، ثم يمضي في تعداد أقاربه، وينتقل بعد ذلك إلى الدعاء لجيرانه، وزملائه، وهكذا يستغرق وقتًا ليس باليسير في هذه التفاصيل.
وكان يغنيه أن يقول: اللهم اغفر لنا، ولإخواننا وأحبابنا، وأقاربنا، أو اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، ورحمةُ الله واسعة.
أما إذا لم يصل التفصيل إلى مبالغة وتطويل _ فلا بأس به؛ فقد ورد في السنة ما يدل على ذلك.
(27) دعاء الله بأسماء لم ترد في الكتاب والسنة:
كقول بعض الناس: يا سلطان، يا غفران، يا سبحان، يا برهان، ونحوها؛ فإنها ليست من أسماء الله _ تعالى _.
[*] قال الخطابي رحمه الله:
ومما يسمع على ألسنة العامة وكثير من القُصَّاص قولهم: يا سبحان، يا برهان، يا غفران، يا سلطان، وما أشبه ذلك.
وهذه الكلمات _ وإن كان يتوجه بعضها في العربية على إضمار النسبة بذي _ فإنه مستهجن، مهجور؛ لأنه لا قدوة فيه. (?)
وكذلك قول بعضهم: يا ربَّ القرآن.
[*] قال الخطابي رحمه الله: وأول من أنكر ابن عباس فإنه سمع رجلاً يقول عند الكعبة: يا ربَّ القرآن فقال: مَهْ! إن القرآن لا ربَّ له؛ إن كل مربوب مخلوق. (¬6)
(28) المبالغة في رفع الصوت: