فالعبد إذا دعا ربه، وتأخر وقت الإجابة _ بدأ الشيطان يجول في خاطره؛ ليسيء ظنه بربه، وصار يُلقي في رُعِه أن لا فائدة من دعائه.
فإذا جاهده العبد، وراغمه، وأغاظه بكثرة الدعاء، وإحسان الظن بالله _ حصل على أجر عظيم؛ فمجاهدة الشيطان ومراغمته من أجل العبوديات.
ولو لم يأت العبد من تأخر الإجابة إلا هذه الفائدة _ لكان حريًا به ألا ينزعج من تأخرها.
هذه بعض الحكم المتلمسة من جراء تأخر الدعاء، والتي يجدر بالعبد أن يستحضرها إذا دعا وتأخرت إجابة الدعاء.
[*] (الدعوات المستجابات:
(كل من عمل بالشروط، وابتعد عن الموانع، وعمل بالآداب، وتحرّى أوقات الإجابة، والأماكن الفاضلة فهو ممن يستجيب الله دعاءه، وقد بينت السنة أنواعاً وأصنافاً ممن طبق هذه الشروط واستجاب الله دعاءهم ومنهم ما يلي:
(1) دعوة المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب:
(حديث أبي الدرداء الثابت في صحيح مسلم) النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل.
(2) دعوة المظلوم:
(حديث ا بن عباس في الصحيحين) قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمعاذٍ ابن جبل حين بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمسَ صلواتٍ في كل يومٍ وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم فتُردُ على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائمَ أموالهم، واتقِ دعوةَ المظلومِ فإنه ليس بينه وبين الله حجاب.
(حديث خزيمة بن ثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: اتقوا دعوة المظلوم فإنها تُحْمَلُ على الغمام يقول الله: و عزتي و جلالي لأنصرنك و لو بعد حين.
(حديث ابن عمر في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة.
(حديث أبي هريرة في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: دعوة المظلوم مستجابة و إن كان فاجرا ففجوره على نفسه.
(والشواهد على إجابة دعوة المظلوم لا تكاد تحصر، ومنها ما جاء في قصة سعد بن أبي وقاص مع أهل الكوفة لما شكوه إلى عمر بن الخطاب.