قال بعضهم: ارض عن الله في جميع ما يفعله بك؛ فإنه ما منعك إلا ليعطيك، ولا ابتلاك إلا ليعافيك، ولا أمرضك إلا ليشفيك، ولا أماتك إلا ليحييك؛ فإياك أن تفارق الرضا عنه طرفة عين، فتسقط من عينه. (?)
[*] قال ابن ناصر الدين الدمشقي:
يجري القضاءُ وفيه الخير نافلة ... لمؤمن واثق بالله لا لاهي
إن جاءه فرح أو نابه ترح ... في الحالتين يقول الحمد لله (?)
(د) الانكسار بين يدي جبار السماوات والأرض:
فالله تعالى يحب المنكسرين بين يديه، فيدنيهم، ويقرب منهم، بل هو تعالى عند المنكسرة قلوبهم.
ذكر عن عمران بن موسى القصير قال: قال موسى _ عليه السلام _:=يا رب، أين أبغيك؟
قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم؛ فإني أدنو منهم كل يوم باعًا، ولولا ذلك انهدموا. (?)
فربما كان تأخر الإجابة سببًا لإطالة الوقوف على باب الله، وانكسار العبد بين يديه، وكثرة اللجأ إليه، والاعتصام به.
بدليل أنه لولا هذه النازلة لم يُرَ على باب اللجأ والمسكنة؛ فالله _ عز وجل _ علم من الخلق اشتغالهم بالبر عنه، فابتلاهم من خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه يستغيثون به.
فهذا من النعم في طي البلاء، وإنما البلاء المحض ما يشغلك عن ربك، وأما ما يقيمك بين يديه _ عز وجل _ ففيه جمالك، وكمالك، وعزك، وفلاحك.
(هـ) التمتع بطول المناجاة:
فقد مرَّ بنا عند الحديث عن فضائل الدعاء أن العبد قد يقوم لمناجاة ربه، وإنزال حاجاته ببابه، فيُفتح على قلبه حال السؤال والدعاء من محبة الله، ومعرفته، والخضوع له، والتذلل بين يديه _ ما ينسيه حاجته، فيكون ما فتح له من ذلك أحبَّ إليه من قضاء حاجته التي سألها، فيحب أن تدوم له تلك الحال، وتكون عنده آثر من حاجته، ويكون فرحه بها أعظم من فرحه بحاجته لو عجلت له وفاتته تلك الحال.
وعلى هذا فكلما تأخرت الإجابة كلما طالت المناجاة، وحصلت اللذة، وزاد القرب.
ولو عجلت الإجابة لربما فاتت تلك الثمرة.
[*] قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى:
لقد أنعم الله على عبد في حاجة أكثر من تَضَرُّعه إليه فيها. (?)
(و) مجاهدة الشيطان ومراغمته:
فالشيطان عدو مبين للإنسان، يتربص به الدوائر، ويسعى في إضلاله وصدِّه عن صراط الله المستقيم، فإذا صادف منه غرة أصابه من خلالها.