ومن نفي عن الله صفات النقص، ولم يثبت له صفات الكمال، فما عرف الله ولا آمن به حقاً، ولا وحده ... لذلك أمرنا أن نسبح الله حال كوننا حامدين له. قال تعالى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ) [سورة الحجر/98]
وقال تعالى: (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) [سورة النصر/3]
والمعنى نزه الله تبارك وتعالى حال كونك حامداً له.
[*] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" والأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء، وإثبات صفات الكمال له، فإن التسبيح يقتضي التنزيه، والتعظيم، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهه، وتحميده، وتكبيره، وتوحيده " انتهى.
" ... مجموع الفتاوى" (16/ 125)
[*] (فضل التسبيح:
(1) التسبيح نجاة من الهلكات:
يكفي في فضل التسبيح قوله تعالى: (وَإِنّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إذ أبق إلى الفلك المشحون * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلاَ أَنّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىَ يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات من 144:139]
فإن يونس النبي عليه السلام أبق - أي فر وانهزم - من قومه إلى السفينة خشية نزول العذاب عليهم وهو بين ظهرانيهم وصعد في السفينة المملوءة والمشحونة بالناس فأشرفت السفينة على الغرق فقالوا - لنطرح واحداً منا في البحر كي تنجوا السفينة وقرروا استعمال السهام للقرعة، فساهم يونس عليه السلام معهم فخرجت السهام عليه ثلاث مرات، فألقوه في البحر وقيل - هو ألقى نفسه في البحر، فالتقمه وابتلعه الحوت في حالة كان ملوماً على الفرار من قومه، فبقى في بطن الحوت بإعجاز من الله تعالى وقدرته ثلاث أيام وقيل أكثر - إلى أربعين يوماً ثم أخرجه الله تعالى من بطن الحوت وأرسله إلى أهل نينوى في الموصل.
فكان إخراجه حياً من بطن الحوت وعدم لبثه فيها إلى يوم القيامة بسبب تسبيحه لله تعالى وتقديسه وتنزيهه له من صفات الحدوث والإمكان والحاجة.
(2) التسبيح مغفرةٌ للذنوب وإن كانت مثل زبد البحر:
(حديث أبي هريرة في الصحيحين) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من قال سبحان الله و بحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر.