كما أن كلمة (سبحان) لا تستعمل إلا مضافة إلى اسم؛ سواء كان الاسم لفظ الجلالة كقولك: سبحان الله؛ أو إلى ما يدل على الخالق ويختص به كقولك: سبحان رب السماوات والأرض؛ أو سبحان ربي؛ أو سبحان ربنا. أو مضافة إلى ضمير يرجع إلى الخالق المتعال كقولك: سبحانك اللهم؛ أو سبحانه وتعالى. ولكن كلمة - سبحان - صارت من الكلمات المختصة في استعمالها مع أسماء الله تعالى ولا يصح ولا يجوز استعمالها في غير الله تعالى.

(والكون كله مسبح لله جل وعلا بلسان الحال أو بلسان المقال:

اعلم رحمني الله وإياك أن الكون كله يسبح لله جل وعلا إما بلسان حاله أو لسان مقاله.

فأما لسان الحال فإن قيام هذا الكون على هذا النحو من الإبداع والاتقان والإحسان، والتناسق والوحدة، وجريانه على نسق لا يلحقه تفكك أو فطور، أو ضعف أو فوضى، أو خلل كل ذلك دليل قائم شاهد بلسان حاله أن خالق هذا الكون البديع إله قادر حكيم عليم قائم عليه مقتدر لا يعجزه شيء، وهذا دليل يحتمه ضرورة العقل، ويدفع إليه النظر، ولا يماري فيه إلا كافر جهول.

وقد جاء به الدليل السمعي الذي بلغته الرسل. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [فاطر/41]

وقال تعالى: (تَبَارَكَ الّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مّا تَرَىَ فِي خَلْقِ الرّحْمََنِ مِن تَفَاوُتِ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىَ مِن فُطُورٍ * ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ كَرّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) [سورة: الملك 1: 4]

وقال تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [سورة الأعراف/54]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015