(2) وعليه أن يصبر على من بطأ فهمه، وأن يعذر من قلَّ أدبه أحياناً. وأن يأخذ طلبته بإعادة محفوظاتهم، ويثني على من ظهر تفوقه وإقدامه، ويعنِّف من قصَّر تعنيفاً لطيفاً، ويقدم في القراءة السابق فالسابق، إلا إن كان ثمة مصلحة فيقدِّم اللاحق. وعليه أن يتفقد أحوال طلبته، ويسأل عن غائبهم.

(3) وعلى معلم القرآن أن يكون قدوة للمتعلم في سلوكه كله، من احترام للوقت، والعدل بين المتعلمين، فلا يُفضِّل أحداً على أحد، إلا لمصلحة تتطلب ذلك، ولا يخاطب أحداً بعينه ويعرض عن غيره، بل يكون عدلاً في كل ذلك حتى في نظراته، فهو يعلِّم كلام الله، فليراعِ أمر الله القائل في كتابه: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله [النساء:135]

(4) وعليه أن يصون يديه حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن النظر فيما لا حاجة له إليه. وليرعَ الأمانة التي حُمِّلها، وهي أمانة هذا الكتاب، وليتحلَّ بأوصاف أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته، ففي ذلك كله فلاح له إن شاء الله.

وجملة القول هنا إن أهل القرآن وحَمَلَتُه إذا أرادوا أن يكونوا أهلاً لهذا الوصف الذي وصفهم به رسول الله، فعليهم أن يتحلُّوا بآداب القرآن، وآداب حَمَلَة القرآن، لينالوا عز الدنيا وعز الآخرة، والله الموفِّق والهادي إلى سواء السبيل.

(استحباب قراءة القرآن الكريم جماعة:

{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 36]

و قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن/18]

و قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة/114]

فأضاف المساجد إليه؛ لأنها موضع ذكره.

(حديث أبي هريرة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده.

قوله (يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم) يتلونه: يقرءونه و يتدارسونه أي: يدرس بعضهم على بعض.

(إلا نزلت عليهم السكينة) يعني: في قلوبهم و هي الطمأنينة و الاستقرار السكينة: حالة يطمئن بها القلب فيسكن عن الميل إلى الشهوات وعند الرعب.

و غشيتهم الرحمة: غطتهم و شملتهم.

و حفتهم الملائكة: أي يطوفون بهم يدورون حولهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015