(3) ومن الآداب ألا يقرأ على الشيخ حال ملله، وعليه أن يحتمل جفوته وسوء خلقه. وليحرص على الإتيان إليه مبكراً؛ ليحصل له الخير والبركة.

وعلى متعلم القرآن كذلك أن يكون متواضعاً لمعلمه ومتأدباً مع إخوانه، فلا ينظر إلى معلمه إلا بعين الاحترام، ولا يُعامل إخوانه إلا بما فيه رفق وأدب، فإن في ذلك عون له على الانتفاع بما يتعلمه.

[*] قال علي رضي الله عنه: "من حق المعلم عليك أن تسلِّم على الناس عامة، وتخصَّه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحداً".

ومن آداب متعلم القرآن تجنب الأسباب الشاغلة عن تعلم كتاب الله، كالانشغال بما لا يُسمن ولا يُغني من جوع، كالجلوس أمام الرائي "التلفاز" وتضييع الأوقات لمتابعة المسلسلات الفارغة، وأنواع الرياضات الشاغلة، وما شابه ذلك من أمور لا يليق بالمؤمن أن يشغل نفسه بها، ويضيع أوقاته لأجلها.

آداب المعلم:

(1) أول الآداب التي ينبغي أن يتحلَّى بها معلم القرآن أن يبتغي بعمله مرضاة الله، فيخلص لله في عمله، فلا يعلِّم القرآن لأجل مغنمٍ دنيوي أو مكسب معنوي، بل عليه أن يكون زاهداً بما في أيدي الناس، عفيف النفس، واسع الخلق، طلْق الوجه، صابراً ومحتسباً أجره عند الله، مستحضراً قوله تعالى: {وما أسألكم عليه من أجرٍ إن أجريَ إلا على رب العالمين [الشعراء:109]

وليحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب بالنفس واحتقار الغير، بل عليه أن يكون ناصحاً مرشداً رفيقاً بمن يعلمه، معتنياً بمصالحه، وأن يحب له ما يحبه لنفسه وولده. ولا ينبغي للمعلم أن يكون عنيفاً أو متساهلاً في تعليمه، بل مقتصداً في أمره، خشية أن ينفِّر من هو بين يديه، وخاصة إذا كانوا ناشئة في العلم، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف و إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزع من شيء إلا شانه.

(حديث جرير ابن عبد الله في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من يُحرم الرفق يُحرم الخير.

(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانه.

(حديث عائشة في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يا عائشة إن الله رفيقٌ يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015