(لأجل هذا ختم المولى تبارك وتعالى سورة "المنافقون" بالتحذير من الغفلة عن ذكر الله عز وجل مخالفةً لسبيل المنافقين فقال تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون * وَأَنفِقُواْ مِن مّا رَزَقْنَاكُمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولُ رَبّ لَوْلآ أَخّرْتَنِيَ إِلَىَ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصّدّقَ وَأَكُن مّنَ الصّالِحِينَ *وَلَن يُؤَخّرَ اللّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المنافقون 11:9]

(وأما في سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار و كان لهم حسرة.

معنى (إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار): أي مجلس نتن كجيفة حمار لخلوه من ذكر الله تعالى، لأن المجالس لا تعمرُ إلا بذكر الله تعالى.

(إن الذي يمعن النظر في الوحيين الشريفين يجد أن لترك الذكر آثاراً سلبية وعواقب وخيمة منها:

(1) إذا فرَّط الدعاة في ذكر الله ولم يداوموا عليه فلا بد أن يصابوا ببعض ما حذَّر الله منه؛ لأنهم لم يأخذوا تحذيراته سبحانه كما ينبغي {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه/124]

{وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن/17]

ذلك أن غذاء القلب وراحة النفس وسمو الروح إنما يكون في المداومة على ذكر الله، وقلته تسبب اضطرابًا وقلقًا نفسيًّا.

(2) القعود عن أداء الواجب أو على الأقل الفتور:

زاد المسلم على الطريق إنما هو ذكر الله، فمن فرَّط في ذلك فقد يبقى من غير زاد، فما بالنا في الداعية الذي تبوأ مقعد الصدارة ويدعو إلى الله بلا زاد، فسيكون ذلك بدايةَ تقصيره في أداء واجبه وفتوره وتقصيره.

(3) الحرمان من العون والتوفيق الإلهي:

إن عون الله وتوفيقه لا يظفر بهما العبد إلا إذا كان على صلة طيبة بربه {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل/128]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015