" هذا الأنس المذكور مبدؤه الكشف عن أسماء الصفات التي يحصل عنها الأنس ويتعلق بها كاسم الجميل، والبر، واللطيف، والودود، والحليم، والرحيم، ونحوها" المدارج.
قال ابن عطاء رحمه الله:" المعرفة على ثلاثة أركان: الهيبة، والحياء، والأنس".
وزيادة في الإيضاح نقول: أن التفهم لمعاني الأسماء والصفات يحمل العبد على معاملة ربه بالمحبة والرجاء وغيرهما من أعمال القلوب.
قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله:"فهم معاني أسماء الله تعالى وسيلة إلى معاملته بثمراتها من: الخوف، والرجاء، والمهابة، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات" شجرة المعارف والأحوال.
ويقول العلامة السعدي رحمه الله:"إن معرفة الله تعالى تدعوا إلى محبته وخشيته ورجائه وإخلاص العمل له، وهذا عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته، والتفقه في فهم معانيها .. " تيسير الكريم الرحمن.
وتحقق كل من الرجاء في الله الذي يحمل على الطمع في الوصول إليه تعالى، وتحقيق مقام المحبة الذي يحمل على الشوق إليه سبحانه وغيرهما مما يتولد عن التفهم للأسماء والصفات والتعبد بمقتضى ذلك كما مر قريبا، سبيل إلى الأنس والاستئناس بالله.
قال ابن القيم رحمه الله:" .. ولما كان الطلب بالهمة قد يعرى عن الأنس، وكان المحب لا يكون إلا مستأنسا بجمال محبوبه، وطمعه بالوصول إليه.
فمن هذين يتولد الأنس: وجب أن يكون المحب موصوفا بالأنس" المدارج.
وعليه فالعبد إذا ارتقى بالعلم النافع والعمل الصالح إلى مقام الإحسان واستقرت قدمه فيه أنس بالله تعالى والتذ بطاعته وذكره.
قال العلامة السعدي رحمه الله مقررا ذلك في منظومته واصفا أهل السير إلى الله والدار الآخرة:
عبدوا الإله على اعتقاد حضوره****فتبوءوا في منزل الإحسان.
ثم قال شارحا رحمه الله:" وهذه المنزلة من أعظم المنازل وأجلها، ولكنها تحتاج إلى تدريج للنفوس شيئا فشيئا.
ولا يزال العبد يعودها نفسه حتى تنجذب إليها وتعتادها فيعيش العبد قرير العين بربه، فرحا مسرورا بقربه".
ولذا فإن الأنس بالله تعالى ثمرة الطاعات والتقرب إلى رب الأرض والسماوات كما قال ابن القيم رحمه الله:" فكل طائع مستأنس، وكل عاص مستوحش كما قيل:
فإذا كنت قد أوحشتك الذنو****ب فدعها إذا شئت واستأنس " المدارج.
((قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: