بيتنا، الله أكبر أبو بكر يكنس البيت؟!
نعم. لأنه يريد الجنة، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83] وقال تعالى أيضاً: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63].
وقد صح عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: {من تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه}.
قالت المرأة: يكنس البيت، ويصنع لنا طعامنا ـ يتحول الخليفة إلى طباخ للمساكين، يقدم لهم وجبة الإفطار ـ ويحلب لنا شياهنا، ثم ينطلق.
فماذا يرد عمر على هذه القصة؟ جلس عمر يعلق على القصة بالبكاء.
إذا اشتبكت دموع في خدودٍ ... تبين من بكى ممن تباكى
أحاذر أن يشق على المطايا ... فلا تمشي بنا إلا سواكا
ثم يقول عمر: [[أتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر]] أتعبت يا أبا بكر المسئولين، أتعبت يا أبا بكر الموظفين؛ لأنك مشيت في طريق لا يستطيع أحد أن يمشي فيه، ولذلك ابن القيم إذا ذكر أبا بكر الصديق قال له:
من لي بمثل سيرك المدلل ... تمشي رويداً وتجى الأول
((عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:
عمر بن الخطاب الخليفة الصادق صاحب الجبة المرقعة، الذي يأكل خبز الشعير في الزيت، والذي يموت خوفاً منه كسرى وقيصر:
يا من يرى عمراً تكسوه بردته ... والزيت أدم له والكوخ مأواه
يهتز كسرى على كرسيه فرقاً ... من خوفه وملوك الروم تخشاه
يصعد المنبر يوم الجمعة، وعليه جبة عليها أربع عشرة رقعة، ويقول لبطنه وأحشائه عندما تقرقر جوعاً: [[قرقري أو لا تقرقري، والله لا تشبعي حتى يشبع أطفال المسلمين]].
ذكر ابن كثير في تاريخه بسند جيد عن أسلم مولى عمر قال: قال لي عمر في ظلام الليل ...
وعمر لا ينام، تقول له امرأته: يا أمير المؤمنين لا تنام في النهار ولا تنام في الليل، قال: [[لو نمت الليل لضيعت نفسي، ولو نمت النهار لضاعت رعيتي]] يخرج في الليل والناس نيام يجوب الشوارع، يسأل عن الأمن، يطرق البيوت، يدافع الإجرام، يفضح المجرمين، يسري كالبدر، معه درة في يده، يخرج بها وساوس الشياطين من بعض الرءوس.
قال أسلم وهو مولى: فقال لي عمر انطلق معي هذه الليلة.