[*] وأوصت امرأة من السلف أولادها فقالت لهم: " تعودوا حب الله وطاعته، فإن المتقين ألفوا بالطاعة فاستوحشت جوارحهم من غيرها، فإن عرض لهم الملعون بمعصية مرت المعصية بهم محتشمة فهم لها منكرون".
وأنشد ابن المبارك:
تعصى الإله وأنت تزعم حبه ... هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطعته ... إن المحب لمن يحب مطيع
(ثانياً الخوف والرجاء:
(أهمية الخوف والرجاء:
مسألة: ما أهمية الخوف والرجاء؟
الخوف والرجاء ركنا محبة الله تعالى وهما للعبد كالجناحين للطائر، والخوف والرجاء متلازمان فخوفٌ بلا رجاء يأسٌ وقنوط، ورجاءٌ بلا خوف أمنٌ وغرور، وقد وصف الله تعالى عباده المخلصين بالخوف والرجاء
قال تعالى: (إِنّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ) [سورة: الأنبياء - الآية: 90]
و قال تعالى: (تَتَجَافَىَ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) [سورة: السجدة - الآية: 16]
فالخوف للنفس سائق والرجاء لها قائد إن ونت على قائدها حثها سائقها وإن أبت على سائقها حركها قائدها مزيح الرجاء يسكن حر الخوف وسيف الخوف يقطع سيف ـ سوف ـ وإن تفكر في الإنعام شكر وأصبح للهم قد هجر وإن نظر في الذنوب حذر وبات جوف الليل يعتذر وأنشد: أَظلَت عَلينا مِنكَ يوماً سَحابةً أَضَاءَت لَنا برقاً وأَمطَرتنا فَلا غيمَها فيائسٌ طامعٌ ولا غَيثَها باقي فيروى عطاشها.
(متى يُعَدُ الخوف أفضل من الرجاء:
مسألة: متى يُعَدُ الخوف أفضل من الرجاء؟
[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن الفضيل بن عياض قال: الخوف أفضل من الرجاء مادام الرجل صحيحاً، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل من الخوف يقول: إذا كان في صحته محسناً عظم رجاؤه عند الموت، وحسن ظنه. إذا كان في صحته مسيئاً ساء ظنه عند الموت ولم يعظم رجاؤه.
وفصل الخطاب في هذه المسألة:
أن الخوف أفضل من الرجاء مادام الإنسان صحيحاً ليكون له بمثابة السوط المانع من معصية الله تعالى وينشطه على العبادة
و الرجاء أفضل من الخوف في حالة المرض أو الاحتضار للأسباب الآتية:
[1] لأنه إذا غلَّب الرجاء على الخوف في حالة المرض أو الاحتضار فإن العبد يحب لقاء الله تعالى ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه