يقول الله تعالى: ((فاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ)) [هود:112].

(هذا الأمر مُرَتَّبٌ على ما قبله وهو قوله تعالى: ((وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ)) [هود:111].

أي: كلُ إنسان سَيُوَفَّى عمله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، فإذا كان الأمر كذلك (فاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ) لأنها طريق السعادة والفلاح والفوز.

وقوله تعالى: ((فاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ)): الأمر هنا للنبي أولاً: ثم لأتباعه ((ومن تاب معك))

أي: ومن آمن معك بأن تابوا من الشرك فأمنوا بالله ورسوله وصاروا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤمنين به وبما جاء به.

(ثم إن الأمر بالاستقامة هو التي شيَّب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

[*] قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره:

(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)

قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}: الخطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولغيره. وقيل: له والمراد أمته؛ قاله السدى. وقيل: "استقم" اطلب الإقامة على الدين من الله واسأله ذلك. فتكون السين سين السؤال، كما تقول: استغفر الله أطلب الغفران منه. والاستقامة الاستمرار في جهة واحدة من غير أخذ في جهة اليمين والشمال؛ فاستقم على امتثال أمر الله. وفي صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك! قال: "قل آمنت بالله ثم استقم". وروى الدارمي أبو محمد في مسنده عن عثمان بن حاضر الأزدي قال: دخلت على ابن عباس فقلت أوصني! فقال: نعم! عليك بتقوى الله والاستقامة، اتبع ولا تبتدع.

{وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} أي استقم أنت وهم؛ يريد أصحابه الذين تابوا من الشرك ومن بعده ممن اتبعه من أمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015