(حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في صحيح الترغيب والترهيب) قال: جاء رجل إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا رسول الله أوصني، قال عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير.
(وقد أمر النبي بالتقوى سراً وعلانية بنص السنة الصحيحة كما جاء في الحديث الآتي:
(حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أوصيك بتقوى الله تعالى في سر أمرك و علانيته و إذا أسأت فأحسن و لا تسألن أحدا شيئا و لا تقبض أمانة و لا تقض بين اثنين.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(أوصيك بتقوى اللّه في سر أمرك وعلانيته) أي في باطنه وظاهره والقصد الوصية بإخلاص التقوى وتجنب الرياء فيها قال حجة الإسلام: وإذا أردنا تحديد التقوى على موضع علم السر نقول الحد الجامع تبرئة القلب عن شر لم يسبق عنك مثله بقوة العزم على تركه حتى يصير كذلك وقاية بينك وبين كل شر قال: وهنا أصل أصيل وهو أن العبادة شطران اكتساب وهو فعل الطاعات واجتناب وهو تجنب السيئات وهو التقوى وشطر الاجتناب أصلح وأفضل وأشرف للعبد من الاكتساب يصوموا نهارهم ويقوموا ليلهم واشتغل المنتبهون أولو البصائر والاجتناب إنما همتهم حفظ القلوب عن الميل لغيره تعالى والبطون عن الفضول والألسنة عن اللغو والأعين عن النظر إلى ما لا يعنيهم
(وإذا أسأت فأحسن) {إن الحسنات يذهبن السيئات}
(ولا تسألن أحداً) من الخلق
(شيئاً) من الرزق ارتقاء إلى مقام التوكل فلا تعلق قلبك بأحد من الخلق بل بوعد اللّه وحسن كفايته وضمانه {وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها} وقد قال أهل الحق: ما سأل إنسان الناس إلا لجهله باللّه تعالى وضعف يقينه بل إيمانه وقلة صبره وما تعفف متعفف إلا لوفور علمه باللّه وتزايد معرفته به وكثرة حيائه منه
(ولا تقبض أمانة) وديعة أو نحوها مصدر أمن بالكسر أمانة فهو أمين ثم استعمل في الأعيان مجازاً فقيل الوديعة أمانة ونحو ذلك والنهي للتحريم إن عجز عن حفظها وللكراهة إن قدر ولم يثق بأمان نفسه وإن وثق بأمانة نفسه فإن قدر ووثق ندب بل إن تعين وجب
(ولا تقض بين اثنين) لخطر أمر القضاء وحسبك في خطره خير من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين والخطاب لأبي ذر وكان يضعف عن [ص 76] ذلك كما صرح به في الحديث.
(والتقوى هي الميزان الصحيح والمقياس الدقيق المعتبر لتفضيل الناس بعضهم على بعض: