كان زوجي يذهب لزيارة أهله في كل أسبوعين فيمكث يومين، فأنتهزها فرصة للذهاب إلى بيت عمّي القريب من بيتنا، فكنت أجد من زوجة عمّي حناناً غريباً، وعطفاً زائداً حيث كانت تعطيني كل ما أطلب، لكنّها لم تكن مستقيمة، فقد كانت تذهب بي إلى الأسواق، وإلى هنا وهناك، وتفعل أشياء مخلّة بالأدب لا ترضي الله تعالى، فسرت على نهجها، والصاحب ساحب كما يقولون، ومن تلك اللحظات تغيّرت الفتاة الوديعة الغافلة إلى فتاة مستهترة متمّردة على كل من حولها، كانت زوجة عمّي ـ هداها الله ـ دائماً تغريني بأنّ خروج المرأة من بيتها حريّة، ورفع صوتها للحصول على مطالبها أفضل وسيلة، فصرت أستهزئ بكل من يذكّرني بالله أو يدعوني إليه .. ألهو كما أشاء، وألعب كما أحبّ على الرغم من أنّي زوجة، ولي أولاد، لكنّي لم أكن أبالي، ولم يقف الأمر عند هذا، بل رحت أجمع حولي صديقات سيئات الأخلاق، كن دائماً يدعونني إلى الحفلات والأفراح، والخروج إلى الأسواق بلا سبب يُذكر، وبما أنّي كنت أكثرهن ذكاء وجمالاً وتمرّداً، وأقلهن حياءً، كنت أنا الزعيمة.

وأدهى من ذلك أنّني كنت أعتقد في السحر، وأستعين بالمشعوذين مع خطورة ذلك على العقيدة.

وفي يوم من الأيام جاءتني امرأة من نساء الجيران، ولم أكن أهتمّ بمن يسكن حولي، ولا أحبّ الاختلاط بهم، ولكنّ هذه المرأة تعلّقت بي، وأصّرت على زيارتي، وبما أنّها كانت صالحة وملتزمة فقد كرهت الجلوس معها، وكنت دائماً أحاول الهروب منها، لكنّها كانت لا تيأس، وتقول لي: لقد صلّيت صلاة الاستخارة (?). هل أنزل عندك مرّة أخرى أم لا، فيقدّر الله لي النزول ورؤيتك.

ومرّت الأيام ـ حوالي الشهرين ـ مرّة تكلّمني، ومرّات لا تستطيع أن تقابلني، وكانت تذهب كلّ يوم بعد العصر لتعلّم النساء القرآن في المسجد المجاور لنا، وكلّما رآها زوجي دعا الله أن أكون مثلها، وكانت هي تدعوني إلى الذهاب معها إلى المسجد، ولكنّي كنت أعتذر بأعذار واهية، حتى لا أذهب، وكانت دائماً تقول لي: إنّي والله أقوم من الليل أصلي، فأدعو الله لكِ بالهداية، وعند ما أتقلّب في فراشي أذكرك فأدعو الله لكِ، وذلك لما تفرّسَتْه فيّ من الذكاء، وقوّة الحجّة، وفصاحة اللسان، والقدرة على جذب الناس حولي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015