ولما بلغ التاسعة عشرة عاش فترة من الضياع، وصفها بنفسه بأنه كانت (فترة إلحاد) حيث قال: (ظللت ملحداً أحد عشر عاماً حتى عثرت على الطريق إلى الله، وعرفت طمأنينة الإيمان.

وفي سنة 1948م غادر سيد القاهرة متوجهاً إلى أمريكا في بعثة لوزارة المعارف آنذاك، فكانت تلك الرحلة هي بداية الطريق الجديد الذي هداه الله إليه، ووفقه لسلوكه والسير فيه.

كان سفره على ظهر باخرة عبرت به البحر المتوسط والمحيط الأطلسي ... وهناك على ظهر الباخرة، جرت له عدة حوادث أثرت في حياته فيما بعد، وحددت له طريقه، ولذلك ما إن غادر الباخرة في الميناء الأمريكي الذي وصل إليه، وما إن وطئت قدماه أرض أمريكا حتى كان قد عرف طريقه، وحدد رسالته، ورسم معالم حياته في الدنيا الجديدة.

والآن ... لنترك الحديث لسيد ليخبرنا عما حدث له على ظهر السفينة يقول:

(منذ حوالي خمسة عشر عاماً ... كنا ستة نفر من المنتسبين إلى الإسلام، على ظهر سفينة مصرية تمخر بنا عباب المحيط الأطلسي إلى نيويورك، من بين عشرين ومائة راكب وراكبة ليس فيهم مسلم.

وخطر لنا أن نقيم صلاة الجمعة في المحيط على ظهر السفينة!

والله يعلم أنه لم يكن بنا أن نقيم الصلاة ذاتها أكثر مما كان بنا حماسة دينية إزاء مبشر كان يزاول عمله على ظهر السفينة، وحاول أن يزاول تبشيره معنا!

وقد يسر لنا قائد السفينة ـ وكان إنجليزياً ـ أن نقيم صلاتنا، وسمح لبحارة السفينة وطهاتها وخدمها ـ وكلهم نوبيون مسلمون ـ أن يصلي منهم معنا من لا يكون في (الخدمة) وقت الصلاة.

وقد فرحوا بهذا فرحاً شديداً إذ كانت هذه هي المرة الأولى التي تقام فيها صلاة الجمعة على ظهر السفينة.

وقمت بخطبة الجمعة، وإمامة الصلاة، والركاب الأجانب معظمهم متحلقون، يرقبون صلاتنا!

وبعد الصلاة جاءنا كثيرون منهم يهنئوننا على نجاح (القداس)!! فقد كان هذا أقصى ما يفهمونه من صلاتنا.

ولكن سيدة من هذا الحشد ـ عرفنا فيما بعد أنها يوغسلافية مسيحية (?) هاربة من جحيم (تيتو) وشيوعيته ـ كانت شديدة التأثر والانفعال، تفيض عيناها بالدمع، ولا تتمالك مشاعره ... جاءت تشد على أيدينا بحرارة وتقول ـ في إنجليزية ضعيفة ـ إنها لا تملك نفسها من التأثر العميق بصلاتنا هذه، وما فيها من خشوع، ونظام وروح ... الخ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015