وفي الطريق وأنا متوجه إلى البيت قلت لنفسي: أنا الآن على مفترق الطريق وأمامي الآن طريقان الطريق الأول طريق الإيمان الموصل إلى الجنة، والطريق الثاني طريق الكفر والنفاق والمعاصي الموصل إلى النار وأنا الآن أقف بينهما فأي الطريقين أختار؟
العقل يأمرني باتباع الأول ... والنفس الأمارة بالسوء تأمرني باتباع الطريق الثاني وتمنيني وتقول لي: إنك مازلت في ريعان الشباب وباب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة فبإمكانك التوبة فيما بعد.
هذه الأفكار والوساوس كانت تدور في ذهني وأنا في طريق إلى البيت ... وصلتُ إلى البيت وأفطرت وبعد صلاة المغرب صليت العشاء تلك الليلة وصلاة التراويح ولم أذكر أني صليت التراويح كاملة إلا تلك الليلة .. وكنت قبلها أصلي ركعتين فقط ثم أنصرف وأحياناً إذا رأيت أبي أصلي أربعاً ثم أنصرف .. أما في تلك الليلة فقد صليت التراويح كاملةً .. وانصرفت من الصلاة وتوجهت بعدها إلى الشيخ سليمان في بيته، فوجدته خارجاً من المسجد فذهبت معه إلى البيت وقرأنا في تلك الليلة ـ في أول كتاب الكبائر ـ أربع كبائر الكبيرة الأولى الشرك بالله والكبيرة الثانية السحر والكبيرة الثالثة قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والكبيرة الرابعة كبيرة ترك الصلاة وانتهينا من القراءة قبل وقت السحور فقلت لصاحبي: أين نحن من هذا الكلام فقال: هذا موجود في كتب أهل العلم ونحن غافلون عنه .. فقلت: والناس أيضاً في غفلة عنه فلابدّ أن نقرأ عليهم هذا الكلام.
قال: ومن يقرأ؟ قلت له: أنت. قال: بل أنت واختلفنا من يقرأ وأخيراً استقر الرأي علي أن أقرأ أنا.
فأتينا بدفتر وسجّلنا فيه الكبيرة الرابعة كبيرة ترك الصلاة. وفي الأسبوع نفسه، وفي ويوم الجمعة وقفت في مسجد الخشع الأعلى الذي بجوار مركز الدعوة بأبها ـ ولم يكن في أبها غير هذا الجامع إلا الجامع الكبير ـ فوقفت فيه بعد صلاة الجمعة وقرأت على الناس هذه الموعظة المؤثرة التي كانت سبباً ولله الحمد في هدايتي واستقامتي وأسأل الله أن يثبتنا وإياكم على دينه إنه سميع مجيب.
(توبة المفكر سيد قطب رحمه الله (?):
في قرية صغير في صعيد مصر ولد سيد قطب رحمه الله، ونشأ في أسرة متدينة متوسطة الثراء، وقد حرص والداه على تحفيظه القرآن الكريم في صغره، فما أتمّ العاشرة إلا وقد حفظه كاملاً ..