(26) ومن ترك قطيعة أرحامه، فواصلهم، وتودد إليهم، وقابل إساءتهم بالإحسان إليهم_بسط له الله في رزقه، ونَسَأ له في أثره، ولا يزال معه ظهير من الله ما دام على تلك الصلة.

(27) ومن ترك العقوق، فكان بَرَّاً بوالديه أدخله الجنة، ورزقه الله الأولاد البررة في الدنيا.

(28) ومن ترك تطلُّب الشهرة، وحبَّ الظهور رفع الله ذكره، ونشر فضله، وأتته الشهرة تجرر أذيالها.

(29) ومن ترك العبوس والتقطيب، واتصف بالبشر والطلاقة لانت عريكته، ورقَّت حواشيه، وكثر محبوه، وقلَّ شانؤوه.

(30) وبالجملة فمن ترك لله شيئاً عوضه الله خيراً منه؛ فالجزاء من جنس العمل (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه) [الزلزلة: 7]

(ثانياً: نماذج لأناس تركوا أشياء لله فعوضهم الله خيراً منها:

المثال الأول: نبي الله يوسف عليه السلام:

لقد قص علينا القرآن العظيم ما وقع ليوسف عليه السلام مع امرأة العزيز؛ وما لو اجتمع كله أو بعضه لغيره لربما أجاب الداعي.

بل إن من الناس من يذهب بنفسه إلى مواطن الفتن، ويسعى لحتفه بظلفه، ثم يبوء بعد ذلك بالخسران المبين في الدنيا والآخرة إن لم يتداركه الله برحمته.

لقد أخبرنا الله عز وجل عن عشق امرأة العزيز ليوسف عليه السلام وما راودته، وكادته به.

وأخبر عن الحال التي صار إليها يوسف، بصبره وعفته، وتقواه، مع أن الذي ابتلي به أمر لا يصبر عليه إلا من صبَّره الله؛ فإن مواقعة الفعل بحسب قوة الداعي وزوال المانع، وكان الداعي ههنا في غاية القوة، وذلك من وجوه: (?)

أحدها ما ركبه الله سبحانه في طبع الرجل من ميله إلى المرأة، كما يميل العطشان إلى الماء، والجائع إلى الطعام، حتى إن كثيراً من الناس قد يصبر عن الطعام والشراب، ولا يصبر عن النساء.

وهذا لا يذم إذا صادف حِلاً، بل يحمد.

الثاني أن يوسف عليه السلام كان شاباً، وشهوة الشاب، وحدَّته أقوى.

الثالث أنه كان عزباً، ليس له زوجة ولا سُرِّية تعوضه، وتكسر ثورة الشهوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015