(1) من ترك مسألة الناس ورجاءهم، وإراقة ماء الوجه أمامهم، وعلق رجاءه بالله دون من سواه عَوَّضَه خيراً مما ترك، فرزقه حرية القلب، وعزة النفس، والاستغناء عن الخلق ومن يستعفف يعفه الله وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أَبِي سَعِيدٍ الثابت في الصحيحين) أَنّ نَاساً مِنَ الأنْصَارِ سَأَلُوارسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعْطَاهُمْ، ثُمّ سَألُوه فَأَعْطاهُمْ، حتى نَفِد ما عنده فقال: َ مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يستعفف يُعِفّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبّرْ يُصَبّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أحَدٌ عطاءاً خَيْراً وَأَوْسَعَ مِنَ الصّبْرِ)
(2) ومن ترك الاعتراض على قدر الله، فسلَّم لربه في جميع أمره رزقه الله الرضا واليقين، وأراه من حسن العاقبة ما لا يخطر له ببال.
(3) ومن ترك الذهاب للعرافين والسحرة رزقه الله الصبر، وصدق التوكل، وتَحَقُّقَ التوحيد.
(4) ومن ترك التكالب على الدنيا جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمة.
(5) ومن ترك الخوف من غير الله، وأفرد الله وحده بالخوف، وسلَّم له نفسه سَلِمَ من الأوهام، وأمَّنه الله من كل شيء، فصارت مخاوفه أمناً وبرداً وسلاماً، ولم يبق لخوف المخلوقين في قلبه موضع؛ لأنه سلم نفسه لربه، وأودعها عنده، وأحرزها في حرزه، وجعلها تحت كنفه، حيث لا تنالها يدُ عدوٍّ عاد، ولا بغيُ باغ عات.
(6) ومن ترك الكذب، ولزم الصدق فيما يأتي، وما يذر_هُدي إلى البر، وكان عند الله صديقاً، ورزق لسان صدق بين الناس، فسوَّدوه، وأكرموه، وأصاخوا السمع لقوله.
(7) ومن ترك المراء وإن كان مُحقَّاً ضُمن له بيت في ربض الجنة، وسلم من شر اللجاج والخصومة، وحافظ على صفاء قلبه، وأمن من كشف عيوبه.
وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
(حديث أبي أمامة في صحيح أبي داود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا و بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا و بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه.