ولا أنار صفحتها، ولا جلَّى ظلمتها، ولا كشف غَمَّاءها كالإقبال على الله تبارك وتعالى (?).
فمن أراد السعادة العظمى فليقبل على ربه بكلِّيَّته، حبَّاً، وذكراً، وإنابة، وخوفاً، ورجاء، ونحو ذلك من سائر العبوديات.
[*] (قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية (?).
(وقال أيضاً: فليس في الكائنات ما يسكن العبد إليه، ويطمئن به، ويتنعم بالتوجه إليه إلا الله سبحانه.
ومن عبد غير الله وإن أحبه، وحصل به مودة في الحياة الدنيا ونوع من اللذة فهو مفسدة لصاحبه أعظم من مفسدة التذاذ أكل الطعام المسموم (?).
(وقال أيضاً: فإن حقيقة العبد قلبه وروحه، وهي لا صلاح لها إلا بإلهها الله الذي لا إله إلا هو؛ فلا تطمئن بالدنيا إلا بذكره، وهي كادحة إليه كدحاً فملاقيته، ولا بد لها من لقائه، ولا صلاح لها إلا بلقائه.
ولو حصل للعبد لذات أو سرور بغير الله فلا يدوم ذلك، بل ينتقل من نوع إلى نوع، ومن شخص إلى شخص، ويتنعم بهذا في وقت، وفي بعض الأحوال، وتارة يكون ذلك الذي يتنعم به والتذ غير مُنعم ولا ملتذ له، بل قد يؤذيه اتصاله به، ووجوده عنده.
أما إلهه الحق فلا بد له منه في كل حال، وكل وقت، وأينما كان فهو معه (?).
[*] (وقال ابن حزم رحمه الله تعالى: تطلبت غرضاً يستوي الناس كلهم في استحسانه وفي طلبه فلم أجده إلا واحداً، وهو طرد الهم.
فلما تدبرته علمت أن الناس كلهم لم يستووا في استحسانه فقط، ولا في طلبه فقط، ولكن رأيتهم على اختلاف أهوائهم ومطالبهم وتباين هممهم وإراداتهم لا يتحركون حركة أصلاً إلا فيما يرجون به طرد الهم، ولا ينطقون بكلمة أصلاً إلا فيما يعانون به إزاحته عن أنفسهم؛ فمن مخطىء وجْهَ سبيله، ومن مقارب للخطأ، ومن مصيب وهو الأقل من الناس في الأقل من أموره (?).