هذا الرجل الذي كان يسيطر عليه الحزن، حتى إنه لما سألته صحفية فرنسية عن سبب الحزن في أغانيه قال: إن الحزن عصير حياتنا.

يقول الكاتب مصطفى أمين: ورأيت عبد الحليم حافظ وهو يلعب بالذهب رأيته شقياً تعيساً معذباً محسوراً محروماً؛ لأنه لا يستطيع أن يمد يده إلى طبق الطعمية ويقول لي هامساً: من يعطيني هذه ويأخذ كل أموالي (?).

هذه نبذة عن هذا الرجل الذي تعلق به الملايين من الناس حتى إن منهم من انتحر لما توفي.

والأمثلة من هذه القبيل كثيرة جداً، ولعل هذا غيضٌ من فيض ونقطةٌ من بحر فهل اعتبرت بمن رحل، أما وعظتك العبر، أما كان لك سمعٌ ولا بصر.

ثانياً: حال أهل المال مع السعادة:

هناك وهْمٌ يسيطر على كثير من الناس؛ حيث يظنون أن السعادة قائمة على المال والغنى.

والحقيقة الماثلة للعيان تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المال وحده لا يوجد السعادة وإن كان يعين على تحققها إن كانت موجودة في الأصل؛ فإن لم تكن موجودة نابعة من أعماق النفس بسبب الرضا، والقناعة، والإيمان، وحسن التدبير فإن المال لا يوجدها؛ فالسعادة تنبع من داخل النفس أكثر مما تنبع من الظروف الخارجية من مال ونحوه.

بل إن كثيراً من الأغنياء يشقون مع أنهم غارقون في النعيم إلى الأذقان وبلغ غناهم عنان السماء، وكثيراً من الفقراء يسعدون غاية السعادة مع ما هم فيه من شظف العيش، وقلة ذات اليد.

وذلك كثير مشاهد؛ فماذا يغني المال وحده؟

ثم إن المال عرضة للزوال؛ فكم من الأغنياء من أصبحوا فقراء بين عشية وضحاها، وكم من الفقراء من أصبحوا أغنياء ما بين طرفة عين وانتباهتها؛ فما بُني على ما يتبدل فهو عرضة للزوال.

فلا يدري الفقير متى غناه ... ولا يدري الغني متى يعيل

أضف إلى ذلك ما يلقاه الغني من الغم والهم في جمع المال، وخوف الخسارة، وكثرة الترحال، ونحو ذلك.

ثالثاً: حال أهل الوجاهة مع السعادة:

إذا كانت الوجاهة داعية لسخاوة الإنسان بجاهه، بحيث يبذل الجاه في سبيل الخير من نحو الشفاعات الحسنة، من إحقاق حق، ونصرة مظلوم، وإعانة الضعيف فتلك وجاهة نافعة جالبة للسعادة.

قال تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا) [النساء: 85]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015