وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث ميمونة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من ادان دينا ينوي قضاءه أداه الله عنه.

[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:

(من ادّان ديناً ينوي) أي وهو ينوي كما جاء مصرحاً به في رواية صحيحة

(قضاءه أداه اللّه عنه يوم القيامة) بأن يرضي خصماءه، وقال الغزالي: الشأن في صحة النية فهي معدن غرور الجهال ومزلة أقدام الرجال.

(من أخبر عن نفسِه أنَّه كفر، فما الحُكمُ، وكيف يتوب:

مسألة: في خِصامٍ حادٍّ، أخبر عن نفسِه أنَّه كفر، فما الحُكمُ، وكيف يتوب؟

حينَما ازدادَ نقاشِي مع أحدِ أقاربي لفظت بقولِ: "أنا كفرت "، ولطمتُ على وجهي، مع العِلمِ أَنِّي نادمٌ على ما حدث، فأريدُ التوجيهَ والإرشادَ، وما حكمُ الدينِ في ذلك؟ وهل عليَّ كفارة؟.

الجواب:

إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون، ونسألُ الله العفوَ والعافيةَ في الدنيا والآخرة، ونسألُه حسنَ الختامِ والوفاةَ على الإيمان.

اعلم - أخي السائل - بأنَّك وقعتَ في أعظمِ ذنبٍ وأقبحِ معصيةٍ، وهي معصيةُ الكفرِ والردَّةِ، والعياذ بالله تعالى.

وهذه الكلمةُ التي ذكرتَ عن نفسِك، صريحةٌ في الكفرِ والردةِ، والعلماءُ يقولون:

عندَ ظهورِ لفظِ الكفرِ يُحكَمُ بالردةِ (إن كان يعلم معنى الكلمة)، ولا يُسأل عن نيته، كما قالَ تعالى:

(وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ) التوبة/65.

فأخبرَ سبحانَه أنهم كفروا بعدَ إيمانهم، مع قولِهم: إنا تكلمنا من غيرِ اعتقاد، بل كنَّا نخوض ونلعب.

قال ابنُ نُجَيم:

" إنَّ من تكلَّمَ بكلمةِ الكفرِ هازلا أو لاعبًا كفرَ عند الكلِّ، ولا اعتبارَ باعتقادِه " انتهى.

"البحر الرائق" (5/ 134)، وانظر: "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص95).

[*] (وقال الشيخُ ابنُ عثيمين:

" وإن أتى بقولٍ يُخرجُه عن الإسلامِ، مثلَ أن يقول: هو يهوديٌّ أو نصرانيٌّ أو مجوسيٌّ أو بريءٌ من الإسلام، أو من القرآنِ أو النبيِّ عليه الصلاةُ والسلامُ فهو كافرٌ مرتدٌ، نأخذه بقولِه هذا " انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015