(نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ) قَالَ السُّيُوطِيُّ أَيْ: مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ أَيْ: أَمْرُهَا مَوْقُوفٌ لَا حُكْمَ لَهَا بِنَجَاةٍ، وَلَا هَلَاكٍَ حَتَّى يُنْظَرَ هَلْ يُقْضَى مَا عَلَيْهَا مِنَ الدَّيْنِ أَمْ لَا. انْتَهَى، وسَوَاءٌ تَرَكَ الْمَيِّتُ وَفَاءً أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا، وَشَذَّ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ: إِنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُخَلِّفُ وَفَاءً، كَذَا فِي قُوتِ الْمُغْتَذِي، وقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ: فِيهِ الْحَثُّ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ، وَالْإِخْبَارُ لَهُمْ بِأَنَّ نَفْسَهُ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ، وهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَنْ لَهُ مَالٌ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ، وأَمَّا مَنْ لَا مَالَ لَهُ، وَمَاتَ عَازِمًا عَلَى الْقَضَاءِ للدين، فَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْضِي عَنْهُ، بَلْ ثَبَتَ أَنَّ مُجَرَّدَ مَحَبَّةِ الْمَدْيُونِ عِنْدَ مَوْتِهِ لِلْقَضَاءِ مُوجِبَةٌ لِتَوَلِّي اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَمْ يَقْضِ مِنْهُ الْوَرَثَةُ الميت. أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: {مَنِ ادَّانَ بِدَيْنٍ فِي نَفْسِهِ وَفَاؤُهُ، وَمَاتَ تَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَى غَرِيمَهُ بِمَا شَاءَ، وَمَنِ ادَّانَ بِدَيْنٍ، وَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ وَفَاؤُهُ، وَمَاتَ، اقْتَصَّ اللَّهُ لِغَرِيمِهِ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: {الدَّيْنُ دَيْنَانِ. فَمَنْ مَاتَ، وَهُوَ يَنْوِي قَضَاءَهُ فَأَنَا وَلِيُّهُ، وَمَنْ مَاتَ، وَلَا يَنْوِي قَضَاءَهُ فَذَلِكَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ، لَيْسَ يَوْمَئِذٍ دِينَارٌ، وَلَا دِرْهَمٌ}

(2) أما إذا استدان في مواضع يباح له الاستدانة واستمر عجزه عن الوفاء حتى مات أو أتلف شيئاً خطأ وعجز عن غرامته حتى مات: فالظاهر أن هذا لا مطالبة في حقه في الآخرة إذ لا معصية منه، والمرجو أن الله تعالى يعوِّض صاحب الحق ...

طور بواسطة نورين ميديا © 2015