(ثم بين رحمه الله تعالى الفرق بين العاجز وبين المعاين فقال: والفرق بين هذا وبين المعاين ومن ورد القيامة أن التكليف قد انقطع بالمعاينة وورود القيامة، والتوبة إنما تكون في زمن التكليف، وهذا العاجز لم ينقطع عنه التكليف؛ فالأوامر والنواهي لازمة له، والكف متصور منه عن التمني، والوداد، والأسفِ على فوته، وتبديل ذلك بالندم والحزن على فعله، والله أعلم (?).

إذا تقرر هذا فإنه يحسن التنبيه على مسألة وهي أن الشيطان ربما وسوس لهذا العاجز التائب، وألقى في قلبه أنه لم يتب إلا لعجزه، وأن توبته كاذبة غير مقبولة.

وربما قال له ذلك رفقة السوء.

فالواجب على التائب في مثل هذه الحالة أن يحسن ظنه بربه، وأن يستعيذ بالله من وساوس شياطين الجن والإنس، وأن يأتي بالتوبة على نحو ما ذكر في الأسطر الماضية.

(هل يجزم التائب النادم بأنّ توبته قد قُبلت؟

مسألة: إذا استكمل التائب شروط التوبة بينه وبين نفسه، فهل يجزم أن توبته قد قبلت أم يرجو فقط؟

الجواب:

الصحيح أنهلا أحد يجزم بقبول التوبة بل يرجو فقط.

(هل القسم شرط في التوبة؟

مسألة: هل القسم شرط في التوبة؟

الجواب:

إن المولى جلت قدرته، وعظم سلطانه، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره مهما كان هذا الذنب، ما دام أن العبد قد تاب منه , قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53]

فباب التوبة مفتوح ما لم يعاين المرء الموت، وما لم تطلع الشمس من مغربها.

(حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

َ (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ) مِنَ الْغَرْغَرَةِ أَيْ مَا لَمْ تَبْلُغِ الرُّوحُ إِلَى الْحُلْقُومِ يَعْنِي مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ بِالْمَوْتِ فَإِنَّ التَّوْبَةَ بَعْدَ التَّيَقُّنِ بِالْمَوْتِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015