يا أيها الشيخ الأديب الذي ... قد فاق أهل العصر في شعره

ثم قال:

من قارف الفتنة ثم ادعى الـ ... ـعصمة قد نافق في أمره

ولايجيز الشرعُ أسباب ما ... يورِّط المسلمَ في حظره

فانج ودع عنك صداع الهوى ... عساك أن تسلم من شره

هذا جواب الكلوذانيِّ قد ... جاءك يرجو الله في أجره (?)

وسئل ابن الجوزي بأبيات عن جواز العشق مطلعها:

يا أيها العالم ماذا ترى ... في عاشق ذاب من الوجد

فأجابه ابن الجوزي قائلاً:

يا ذا الذي ذاب من الوجد ... وظلَّ في ضر وفي جهد

اسمع فدتك النفسُ من ناصحٍ ... بنصحه يهدي إلى الرشد

إلى أن قال:

وكل ما تذكر مستفتياً ... حرَّمه الله على العبد

إلا لما حلَّله ربنا ... في الشرع بالإبرام والعقد

فَعَدِّ من طُرْق الهوى معرضاً ... وقف بباب الواحد الفرد

وسَلْهُ يشفيك ولا يبتلي ... قلبك بالتعذيب والصد

وعف في العشق ولا تبده ... واصبر وكاتم غاية الجهد

فإن تمت محتسباً صابراً ... تَفُزْ غداً في جنة الخلد (?)

وأما من احتج على جواز العشق بترخص بعض العلماء بذكر أقوال العشاق، وذكر قصصهم وأخبارهم فيقال له: إنما كان ذلك منهم من باب الاستشهاد، وتصوير الحال، ثم بعد ذلك يوقفون القارىء على الحكم في هذه المسألة، كما في صنيع ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه (ذم الهوى) وابن القيم رحمه الله تعالى في (الجواب الكافي)، و (روضة المحبين) وغيرها من كتبه.

بل إن ابن حزم رحمه الله تعالى لما ألف كتابه (طوق الحمامة في الألفة والأُلاَّف) وذكر فيه طرائق أهل العشق قال في آخره: وأنا أستغفر الله تعالى مما يكتب الملكان، ويحصيه الرقيبان من هذا وشبهه استغفارَ مَنْ يعلم أن كلامه من عمله.

ولكنه إن لم يكن من اللغو الذي لا يؤاخذ به المرء فهو إن شاء الله من اللمم المعفو (?).

وقال رحمه الله تعالى على سبيل الوعظ:

رأيت الهوى سهل المبادي لذيذَها ... وعقباه مر الطعم ضنك المسالك

ومن عرف الرحمن لم يعصِ أمرَه ... ولو أنه يعطي جميع الممالك (?)

وأما من ابتلي بالعشق من أهل الفضل فغاية أمره أن يكون ذلك من سعيه المعفو المغفور، لا من سعيه المبرور المشكور.

وإن كان لم يكتم في عشقه كان ذلك منقصة في حقه؛ إذ أعان بذلك على أن يتسلط الناس على عرضه، ويشمتون به (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015