ثم إنَّ هذا أمرٌ مُحال عند ربنا الكبير المُتعال، بل هو فوق ما يخطر ببال أو يدور في الخيال، ومن توهم ذلك كان في عقله خَبَال، والله ما وقع إنسانٌ في الحرام إلا كان عنده مَيلٌ إلى الحرام والعياذ بالله، ولا يظلمُ ربُك أحدا، لكنَّ الإنسان إذا اتبع هواه وسار أسيراً ذليلاً وراء شهواته تراه يقيم العذر لنفسه و يلتمس لها الدليل وَيُلَفِق لها بزعمِهِ التأويل، ويريد أن يُحَمِلَّ الناس جميعاً السبب في خطأهِ ويقول: هم السبب في زَلتي وهم الذين دفعوني إلى شِقْوَتي فيُعَلِق ذنبه ومعاصيه على شماعاتٍ وهمية، وأحياناً يلقي اللوم على القدر فيقول هو السبب في ذلك كما حصل في عهد الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب حينما أتوْا بسارق فسأله عمر رضي الله تعالى عنه: ما حَمَلَك على ذلك؟ فقال له: قَدَرُ الله يا أمير المؤمنين فقال له الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ونحن نقطع يدك بِقَدِرِ الله، وهكذا تجد الإنسان إذا اتبع هواه وسار أسيراً ذليلاً وراء شهواته يُخْفي الحقيقة المُرَّة الكامنة في نفسه المستقرة بين جنبية والتي دفعته إلى الفجور، وهي أنه عنده مَيلٌ إلى الحرام والعياذ بالله، فلَيْتَه أحْسَنَ الظن بربه تعالى كما أحسن الظن بنفسه اللئيمة الخائنة الأثيمة التي أهلكته ورَمَتْ به في مستنقع الرذائل والآثام، لكن هيهات فإن هذا لا يغير من الحقيقة شيئاً بل هو يزيد الأمرُ سوءاً ويزيدُ الطينُ بِلَة، ويُضِيفُ إليه ذنباً إلى ذنوبه وَعَيْبَاً إلى عيوبه}.
(كيفية التوبة من الزنا:
وبعد أن تبين عظم جرم الزنا، وآثاره المدمرة على الأفراد والأمة، فإنه يحسن التنبيه على وجوب التوبة من الزنا؛ فيجب على من وقع في الزنا والعياذ بالله، أو تسبب في ذلك، أو أعان عليه أن يبادر إلى التوبة النصوح، وأن يندم على ما مضى، وألا يرجع إليه.
ولا يلزم من وقع في الزنا رجلاً كان أو امرأة أن يسلَّم نفسه، ويعترف بجرمه، بل يكفي في ذلك أن يتوب إلى ربه، وأن يستتر بستره عز وجل.
وإن كان عند الزاني صور لمن كان يفجر بها، أو تسجيل لصوتها أو لصورتها فليبادر إلى التخلص من ذلك، وإن كان قد أعطى تلك الصور أو ذلك التسجيل أحداً من الناس فليسترده منه، وليتخلص منه بأي طريقة.
وإن كانت المرأة قد وقع لها تسجيل أو تصوير، وخافت أن ينتشر أمرها فعليها أن تبادر إلى التوبة، وألا يكون ذلك معوقاً لها عن الإقبال على ربها.