فقال لها الربيع: كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك، فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت، فقطع منك حبل الوتين؟
أم كيف بك لو سألك منكر ونكير؟
فصرخت المرأة صرخة، فخرت مغشيا عليها، فوالله لقد أفاقت، وبلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق.
(تفسير موقف المجرمين الذين أرادوا افتتان الربيع ابن خيثم:
{وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا} (سورة النساء/27)
{تنبيه}: (للافتتان بالمرأة شرطان متلازمان:
(1) أن تخضع بالقول
(2) أن يكون الرجل في قلبه مرض مصداقاً لقوله تعالى: {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (سورة الأحزاب/32)
فالمرأةُ خضعت بالقول لكن الربيع ابن خيثم لم يكن في قلبه مرض كحال الذين يسيل لعابهم وراء الشهوات والعياذ بالله فحصل له النجاة لذلك.
{قصة أبي زرعة}:
قال أبو زرعة الخيني مكرت بي امرأة فقالت يا أبا زرعة ألا ترغب في عيادة مبتلي تتفط برؤيته فقلت بلى فقالت أدخل إلى الدار فلما دخلت الدار أغلقت الباب ولم أر أحدا فعَرَفْتُ قصدها فقلت اللهم سودها فاسودت فحارت وفتحت الباب فخرجت وقلت اللهم ردها إلى حالتها فردها إلى ما كانت عليه.
{قصة عطاء بن يسار}
خرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجين من المدينة، ومعهم أصحاب لهم، حتى إذا كانوا بالأبواء نزلوا منزلا لهم. فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم، وبقي عطاء قائما يصلي. فدخلت عليه امرأة من الأعراب جميلة! فلما شعر بها عطاء ظن أن لها حاجة، فخفف صلاته، فلما قض صلاته. قال لها: ألك حاجة؟
قالت: نعم.
فقال: ماهي؟
قالت: قم. فأصب مني، فإني قد ودقت (أي رغبت في الرجال) ولا بعل لي.
فقال: إليك عني. لا تحرقيني ونفسك بالنار.
ونظر إلى امرأة جميلة، فجعلت تراوده عن نفسه، وتأبى إلا ما تريد، فجعل عطاء يبكي ويقول: ويحك! إليك عني. إليك عني.
واشتد بكاؤه، فلما نظرت المرأة إليه وما دخله من البكاء والجزع بكت المرأة لبكائه!!
فبينما هو كذلك إذ رجع سليمان بن يسار من حاجته، فلما نظر إلى عطاء يبكي، والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت، بكى لبكائهما، لا يدري ما أبكاهما.