قال تعالى: (قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبّي فِي كِتَابٍ لاّ يَضِلّ رَبّي وَلاَ يَنسَى) [طه: 52]، نسوا أن الله سيسجل عليهم ذلك ويجدونه في صحائف أعمالهم، قال تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَوَيْلَتَنَا مَا لِهََذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبّكَ أَحَداً) [سورة: الكهف - الآية: 49]،
وقال تعالى: (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللّهُ جَمِيعاً فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوَاْ أَحْصَاهُ اللّهُ وَنَسُوهُ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [المجادلة: 6]
والآيات الدالة على البعث والحساب كثيرة وأن هؤلاء العصاة والبغاة سيعودون إلى الله ويحاسبون على أعمالهم الشنيعة التي أغضبت المولى جل وعلا، وسيحاسبون على أفعالهم القبيحة التي لا يرضى عنها حتى من لا يؤمن بالله، فالطباع السليمة لا ترضى مثل هذه الفاحشة التي توجب غضب الله وعقابه وسخطه ومقته، وعندما بايع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النساء على ألا يشركن بالله شيئاً ولايسرقن ولا يزنين، قالت هند بنت عتبة: أوَ تزني الحُرة؟ تقول وبكل تعجب أو تزني الحرة يا رسول الله؟!، أي أن المرأة الحرة لا تزني أبدا، ما كان نساء الصحابة رضوان الله عليهن يصدقن أن الحرة تزني، ما كن يعرفن الزنا، لأنه لم يكن موجوداً عند أهل الإيمان والتقوى، فصاحب الزنا يشعر بأنه من أفسق الناس ومن أفجرهم ومن أجرم الناس على الإطلاق، فهو أيضاً يُحس بوحشة وضيق في صدره من شناعة الجُرم والفاحشة التي قام بها فيتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعه من قُبح ما فعل، فإذا فعل فعلته التي فعل، وانتهى من جرمه الذي عمل، ضاق صدره وتألم قلبه لسوء فعلته، وَخَسَاسَةِ عمله فيُحس بقذارة ما فعل من فاحشة (الزنا) ويتمنى لو أنه لم يفعلها فيريد التوبة والعودة والإنابة إلى الله سبحانه، والإقلاع عن تلك المعصية، ولكن يأتيه الشيطان فيهون عليه تلك المعاصي والآثام، ويُطمئِنُ قلبه بفعل تلك الذنوب العظام، والكبائر الجسام، والموبقات المهلكات، فيهلكه بفعلها ويغرقه في لجج المعاصي والآثام فيقع فريسة سهلة للشيطان، فتضيق عليه معيشته ويصبح كثير الشكوك وافر الظنون، لأنه يخاف أن يفعل الناس بأهله الفاحشة كما يفعلها هو بمحارم الناس (فكما تدين تدان)،