(وقال أيضاً: في قوله تعالى: (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ) قال: يعني من المعاملات الربوية؛ فلكم رؤوس أموالكم: لا تظلمون الناس بأخذ الربا، ولا تُظلمون: ببخسكم رؤوس أموالكم؛ فكل من تاب من الربا فإن كانت معاملات سالفة فله ما سلف، وأمره منظور فيه، وإن كانت معاملات موجودة وجب عليه أن يقتصر على رأس ماله، فإن أخذ زيادة فقد تجرأ على الربا [تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان 1/ 340]
[*] (وممن قال بهذا القول، وانتصر له شيخ الإسلام ابن تيمية، يقول رحمه الله تعالى في معرض كلام له عن المقبوض بعقد فاسد يعتقد صاحبه صحته ثم ظهر له عدم الصحة ما نصه: وأما إذا تحاكم المتعاقدان إلى من يعلم بطلانها قبل القبض واستفتياه إذا تبين لهما الخطأ، فرجع عن الرأي الأول، فما كان قد قبض بالاعتقاد والأول أمضي، وإذا كان بقي في الذمة رأس المال وزيادة ربوية أسقطت الزيادة، ورجع إلى رأس المال، ولم يجب على القابض رد ما قبضه قبل ذلك بالاعتقاد الأول [مجموع الفتاوى 29/ 413]
(وقال رحمه الله تعالى في موضع آخر في تفسير آيات الربا من سورة البقرة: قوله: (فله ما سلف) أي مما كان قبضه من الربا جعله له، (وأمره إلى الله) قد قيل: الضمير يعود إلى الشخص، وقيل: إلى (ما) وبكل حال فالآية تقتضي أن أمره إلى الله لا إلى الغريم الذي عليه الدين، بخلاف الباقي فإن للغريم أن يطلب إسقاطه.
(وقال رحمه الله تعالى في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا): أي ذروا ما بقي من الزيادة في ذمم الغرماء، وإن تبتم فلكم رأس المال من غير زيادة، فقد أمرهم بترك الزياة وهي الربا، فيسقط عن ذمة الغريم، ولا يطالب بها، وهذا للغريم فيها حق الامتناع من أدائها، والمخاصمة على ذلك، وإبطال الحجة المكتتبة بها.
وأما ما كان قبضه فقد قال: فله ما سلف وأمره إلى الله، فاقتضى أن السالف له للقابض، وأن أمره إلى الله وحده لا شريك له، ليس للغريم فيه أمر، وذلك أنه لما جاءه موعظة من ربه فانتهى كان مغفرة ذلك الذنب، والعقوبة عليه إلى الله، وهذا قد انتهى في الظاهر، فله ما سلف وأمره إلى الله إن علم من قلبه صحة التوبة غفر له، وإلا عاقبة، ثم قال: اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فأمر بترك الباقي، ولم يأمر برد المقبوض.
وقال: وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم، لا يشترط منها ما قبض.