[*] (قال فضيلة الشيخ عبد الله بن منيع حفظه الله: وذكر بعض أهل العلم وبعض محققيهم أن من بيده أموال محرمة بوصفها لا بأصلها، كالأموال الربوية مما ليس له أفراد معينون وهي مختلطة بماله الحلال، وبثمن مجهوده في الاكتساب بها؛ فإذا تاب من بيده هذه الأموال توبة نصوحاً مستكملة شروط التوبة إلى الله تعالى فإنه يُقَرُّ على ما بيده، وتوبته النصوح تجب ما قبلها ويعتبر ما بيده ملكا له، يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه.

واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: (وَأَحَلّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرّمَ الرّبَا فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مّنْ رّبّهِ فَانْتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ) [البقرة: 275] وذكروا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأن الموعظة أعم من أن تحصر في انشراح صدر الكافر إلى الإسلام، (وقالوا في توجيه هذا القول: إن الأخذ بهذا يدعو أهل الفسوق إلى التوبة إلى الله، وأن القول بغير هذا_ أي بحرمانه مما بيده _ قد يسد عليه باب التوبة إلى الله، ويعين الشيطان عليه في الاستمرار على أخذ المال الحرام، والتعاون على الإثم والعدوان، وأجابوا عن الآية الكريمة (وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) بأن هذه الآية خاصة بالأموال الذميمة المشتملة على الفوائد الربوية، فمن كان له ذمة أحد من الناس مبلغ من المال بعضه ربا فالتوبة تقتضي أن يتقاضى رأس ماله فقط، ويسقط ما زاد عنه من فائدة ربوية [بحوث في الاقتصاد الإسلامي للشيخ عبد الله بن منيع ص34_35]

[*] (وممن قال بهذا القول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله تعالى قال: واختار الشيخ تقي الدين أن المقبوض بعقد فاسد غير مضمون، وأنه يصح التصرف فيه؛ لأن الله تعالى لم يأمر برد المقبوض بعقد الربا بعد التوبة، وإنما رد الربا الذي لم يقبض، ولأنه قبض برضا مالكه؛ فلا يشبه المغصوب، ولأن فيه من التسهيل والترغيب في التوبة ما ليس في القول بتوقيف توبته على رد التصرفات الماضية مهما كثرت وشقت، والله أعلم

[الفتاوى السعدية ص218]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015