فأما في حق الله فَكَمَنْ ترك الصلاة عمداً من غير عذر مع علمه بوجوبها، وفرضها، ثم تاب، وندم فاختلف السلف في هذه المسألة، فقالت طائفة: توبته بالندم، والاشتغال بأداء الفرائض المستأنفة، وقضاء الفرائض المتروكة، وهذا قول الأئمة الأربعة وغيرهم.
وقالت طائفة: توبته باستئناف العمل في المستقبل، ولا ينفعه تدارك ما مضى بالقضاء، ولا يقبل منه، فلا يجب عليه، وهذا قول أهل الظاهر، وهو مروي عن جماعة من السلف (?).
ثم شرع رحمه الله تعالى في ذكر حجج كلتا الطائفتين (?).
وقال في آخر حديثه: قالوا: وأما قولكم: هذا تائب نادم، فكيف تسد عليه طريق التوبة؟ ويجعل إثم التضييع لازماً له، وطائراً في عنقه؟ فمعاذ الله أن نسد عليه باباً فتحه الله لعباده المذنبين كلهم، ولم يغلقه عن أحد إلى حين موته، أو إلى وقت طلوع الشمس من مغربها.
وإنما الشأن في طريق توبته، وتحقيقها هل يتعين لها القضاء؟ أم يستأنف العمل، وقبول التوبة؟
فإنَّ تركَ فريضة من فرائض الإسلام لا يزيد على ترك الإسلام بجملته، وفرائضه، فإذا كانت توبة تارك الإسلام مقبولة صحيحة لا يشترط في صحتها إعادةُ ما فاته في حال إسلامه_أصلياً كان أم مرتداً_كما أجمع عليه الصحابة في ترك أمر المرتدين لما رجعوا إلى الإسلام بالقضاء_فقبول توبة تارك الصلاة، وعدم توقفها على القضاء أولى، والله أعلم (?).
فتوبة تارك الصلاة إذاً تكون بالندم، وبأداء الصلوات المستأنفة، ولا يؤمر بالقضاء.
ومما يعين الإنسان على المحافظة على الصلاة أن يستعين بالله عز وجل وأن يعزم على أدائها عزيمة جازمة، وأن يأخذ بالأسباب المعينة على ذلك من استعمال المنبه حال النوم، وترك فضول الطعام والشراب.
ومن ذلك أن يستحضر الآثار المتربتة على ترك الصلاة من تكدر النفس، وانقباضها، وضيق الصدر، وتعسير الأمور.
ومن ذلك أن يستحضر الثمرات المترتبة على أداء الصلاة، وهي كثيرة لا تحصى.
ثانياً: التوبة من الربا والعياذ بالله:
(حكم الربا: