ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، و قدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة. ويقدم الأفضل فالأفضل من القول و العمل. و لتكن نيته في الخير قائمة، من غير فتور ربما لا يعجز عنه البدن من العمل، و قد كان جماعة من السلف، يبادرون اللحظات.
فَنُقِلَ عن عامر بن عبد قيس، أن رجلاً قال له: كلمني، فقال له: أمسك الشمس.
وقال ابن ثابت البناني: ذهبت ألقن أبي، فقال: «يا بني دعني، فإني في وردي السادس»
دخلوا على بعض السلف عند موته، و هو يصلي، فقيل له. فقال: «الآن تطوى صحيفتي»
فإذا علم الإنسان ـ و إن بالغ في الجد ـ بأن الموت يقطعه عن العمل، عمل في حياته ما يدوم له آجره بعد موته. فإن كان له شيء من الدنيا وقف وقفاً، و غرس غرساً، و أجرى نهراً، و يسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده، فيكون الأجر له. أو أن يصنف كتاباً من العلم، فإن تصنف العالم ولده المخلد. و أن يكون عاملاً بالخير، عالماً فيه، فينقل من فعله ما يقتدي الغير به، فذلك الذي لم يمت. أهـ
• الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى:
[*] • قال الضياء المقدسي في ترجمته: كان لا يضيع شيئا من زمانه بلا فائدة، فإنه كان يصلي الفجر ويلقن القرآن وربما أقرأ شيئا من الحديث تلقينا، ثم يقوم فيتوضأ ويصلي ثلاث مئة ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبل الظهر، وينام نومة ثم يصلي الظهر، ويشتغل إما بالتسميع أو بالنسخ إلى المغرب، فإن كان صائما أفطر وإلا صلى من المغرب إلى العشاء، ويصلي العشاء وينام إلى نصف الليل أو بعده، ثم قام كأن إنسان يوقظه فيصلي لحظة ثم يتوضأ ويصلي إلى قرب الفجر، ربما توضأ سبع مرات أو ثمانيا في الليل، وقال ما تطيب لي الصلاة إلا ما دامت أعضائي رطبه ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر وهذا دأبه.
• النووي رحمه الله تعالى:
كان عمره عندما توفي (45) سنة، استطاع فيها أن يحصل هذه العلوم الجمة، وأن يؤلف تلك الكتب العظيمة التي انتشرت وملأت الأرض شرقا وغربا, فهل أتى هذا من فراغ؟!