لقد جاء اكتشاف مرض الشيخ - رحمه الله - متأخراً، وكان اكتشافه أول الأمر في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني، وقد قام المستشفى - إدارة ومختصين - بما يُشكرون عليه من عناية، ثم أجريت له فحوصات أخرى في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ونال من إدارته والمختصين به كل عناية ورعاية، فجزى الله الجميعَ في المستشفيين خير الجزاء، وقد اختلفت آراء الأطباء سواء من كشفوا عليه أو من اطلعوا على التقارير عنه، واستشيروا حولها في طريقة علاجه، فكان منهم من رأى علاجه بالأشعة والكيماوي، ومنهم من لم ير ذلك، وفي تلك الظروف كان الشيخ محمد متردداً لِما رآه من اختلاف وجهات نظر الأطباء، ولمزيد من الاطمئنان - تشخيصا وعلاجا - جاءت مشورة ولاة الأمر في هذا الوطن له كي يسافر إلى أمريكا، حفظهم الله ورعاهم وجزاهم أفضل ما يجزي به عباده الصالحين على ما أبدوه تجاهه من عطف وما قاموا به من رعاية، وقد أكدت الفحوصات هناك ما تُوصل إليه من تشخيص في المملكة، واستقر الرأي الطبي على أن يعالج مدةً بالأشعة، مع جرعات مخففة بالكيماوي، ثم يبدأ العلاج بالكيماوي وحده، وسُرَّ الشيخ محمد بذلك، وقدم إلى الوطن ليبدأ في مستشفى الملك فيصل التخصصي ما استقر الرأي الطبي عليه، [وعولج] بالأشعة فعلا، على أن الأطباء رأوا أخيراً أن سلبيات علاجه بالكيماوي أوضح من إيجابياته، ففضلوا عدم علاجه به، وقبِل الشيخ ما فضَّلوه.
كتبه في جريدة الجزيرة - الطبعة الأولى - محليات الخميس 23،شوال 1421، العدد10339
قال بعض إخواني الشباب ممن حضروا ذلك الدرس:
الدرس الأخير لفقيد الأمة وفقيد العلم في الحرم كان درس العبرات .. !!
كنت ممن استمع إلى درسه الأخير - قدس الله روحه - في ليلة الثلاثاء المتمم للثلاثين من رمضان لهذا العام 1421هـ.
وكان لحضور هذا الدرس أهمية في نفسي لسببين:
أولهما: أنه قبل ذلك اليوم بيومين أخذ المرجفون يشيعون بالهاتف والإنترنت خبراً كاذباً عن وفاة الشيخ - قدس الله روحه - فنكذّب الخبر بصفتنا قد استمعنا للدرس في الحرم.
والثاني: أننا نعلم حقيقة ما ألمَّ بالشيخ من داء عضال، أجمع الأطباء قديما وحديثا على أن من وصلت حالته إلى ما وصلت إليه حالة الشيخ قد أصبحت أيامه معدودة إلا أن يشاء الله شيئاً