الخامس - قول أبن الصلاح عن فقيه الحرم النداوي: أن وليمة العرس ليلاً أصوب؛ لأنها مقابلة نعمة ليلية قال الله تعالى: (فَإذا طَعِمْتُمْ فأنْتَشِرُوْا) وكان ذلك ليلاً. قاله الزركشي وغيره. ولكن قال بعض الحفاظ المعتبرين: إن الآية إنما نزلت نهاراً، وأحتج بما في الصحيحين وغيرهما انتهى. أما البخاري فقال كتاب النكاح: باب البناء بالنهار، ثم ساق بسنده عن عائشة قالت: " تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى " الحديث. وقال في كتاب الأطعمة: باب قول الله عز وجل: (فإذا طَعِمْتُم فاِنَتشِروْا) ثم ساق بسنده عن أنس قال: " أنا أعلم الناس بالحجاب، أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنة جحش، وكان تزوجها بالمدينة، فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار " الحديث. ولم يذكر في تفسير سورة الأعراف أنه كان نهاراً، وقال النووي في شرح مسلم، عقب قول عائشة: فلم يرعني إلى آخره: جواز الدخول والزفاف للعروس نهاراً وهو جائز ليلاً ونهاراً، وأحتج به البخاري في الدخول نهاراً، وترجم عليه باباً. انتهى. وقيل: كانوا يختارون النكاح آخر النهار، قال أبن الشريشي: قال بعض العلماء: ذهبوا في ذلك إلى أتباع السُنة في الفأل، فآثر الناس استقبال الليل بعقد النكاح تيمناً، لما فيه من الهدوء والاجتماع، على صدر النهار لما فيه من التفرق والانتشار، وذهبوا إلى تأويل القرآن، لأن الله تعالى سمى الليل في كتابه سكناً، وجعل النهار نشوراً. كما كانوا يستحبون النكاح يوم الجمعة للاجتماع. قال الشاعر:
ويوم الجُمْعة التنعيم فيه ... وتزويج الرجال من النساء
انتهى.
ولهذا نقل عن أبن رشد المالكي أنه قال: واستحب جماعة النكاح في يوم الجمعة، وفيه حديث من رواية أبي سعيد مرفوعاً: " يوم الجمعة خطبة ونكاح " لكنه ضعيف.
فائدة النقوط المعتاد من الناس في الأفراح هل يجب رده أم لا؟ أجاب النجم البالسي: أنه كالدين، لدافعه أن يطالب به القابض، ولا أثر للعرف في ذلك لأنه مضطرب فكم من امرئ يدفع النقوط ثم يستحي أن يطالب به انتهى. وعابه إيجاب وقبول، كان أولى، وقوله العرف مضطرب: لم أعرف معناه، فإن عرف بلادنا متفق على القابض لا يطالب، بل صاحب الوليمة إذا وقع لمن نقط عنده لهم كافأه، وهو إلى الهدية أقرب من كل شيء انتهى. وقال الزركشي: وقياس ما قاله الرافعي في اختلافهما في أداء المهر، أن القول قول الدافع بيمينه أنه نوى الرجوع وقيل بلا يمين، ومثله ما لو خطب امرأة وأهدى إليها شيئاً، ثم بدا له فلم يتزوجها أنه يرجع، وعجب من حكايته ذلك عن فتاوى أبن زريق مع أن الرافعي قد صرح به فقال: وسواء كان المدفوع من جنس الصداق أم من غيره، طعام أم غيره انتهى. وفي فتاوي البغوي: رجل أراد أن يتزوج أبنه امرأة فخطبها لأبنه، وتوافقا على العقد، فقبل أن يعقد، أهدى لها أبو الزوج شيئاً، ثم مات المهدي قبل العقد، ثم نكحها أبنه، ثم طلقها قبل الزفاف وأسترجع الهدايا. قال: يكون ميراثاً بين الجميع: لأن الأب إنما أهدى لأجل العقد ولم يعقد في حياته، فيكون ميراثاً لورثة الأب. وفي استرجاع الهدايا نظر كما قاله الدميري. وفي فتاوى أهل سمرقند الحنفية: رجل تزوج امرأة وبعث إليها بهدايا، وعوضته المرأة عن ذلك عوضاً، ثم زفت إليه، ثم فارقها وقال: إنما بعثت إليك عارية، وأراد أن يسترد ذلك، وأرادت المرأة أن تسترد العوض، فالقول له لأنه أنكر القليل، فإذا أسترد ذلك منها كان لها أن تسترد ما عوضته انتهى. وقال العيني: ومن بعث إلى امرأته شيئاً فقالت: هو هدية، وقال: هو من المهر، فالقول له في غير المهيأ للأكل، وأما نحو الشواء فالقول قولها فيه استحسان انتهى ملخصاً.
الثانية:
بضم الخاء المعجمة والسين المهملة ويقال أيضاً بالصاد المهملة ويقال الخرسة: وهي الطعام الذي يصنع لسلامة المرأة من الطلق في النفاس، وهو الولادة.
يقال: نفست المرأة بضم النون إذا ولدت، وفي الحيض بفتحها. وقال الهروي: يقال في الولادة بضم النون، وفي الحيض بالفتح لا غير. والفاء مكسورة فيهما ذكره النووي في شرح مسلم. وقال الصفدي في تثقيف اللسان: يقولون امرأة نافسة، والصواب نُفَساء بضم النون وفتح الفاء وبعد السين الممدودة المهملة ألف ممدودة انتهى.
فائدة