وقد بوب لها الحافظ أبن حبان والحافظ الطبري في الأحكام بباب الوليمة للأخوة، وذكرا فيه الحديث الذي رواه البخاري عن أنس قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع وقال له: " أولم ولو بشاة " والله أعلم. وفي الاستدلال بذلك نظر، فإنه صلى الله عليه وسلم ما قال لعبد الرحمن ذلك إلا بعد أن عرض عليه سعد أن يناصفه أهله وماله وكان له امرأتان فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق فأتاها فربح شيئاً من أقط وسمن فرآه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيام وعليه وضر من صفرة فقال: مهيم؟ قال: تزوجت امرأة من الأنصار قال: ما سقت إليها؟ قال: وزن نواة من ذهب. فقال: " أولم ولو بشاة ".
الثانية:
بفتح الفاء والراء قال في الاستقصاء: والفَرَعَةُ بفتح الفاء والراء والعين بلا نقطة، أول نتاج الناقة كانوا يذبحونها لطواغيتهم، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل ذلك بقوله: " لا فرعة ". فإن ذبح المسلم أول نتاج الناقة لله تعالى، وتصدق بلحمه ولو مطبوخاً لم يمنع منه انتهى. وقال الشافعي: الفرع هو شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة في أموالهم، فكان أحدهم يذبح بكر ناقته أو شاته فلا يغذوه رجاء البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال: " أفرعوا إن شئتم " أي اذبحوا إن شئتم. وكانوا يسألونه عما كانوا يصنعون في الجاهلية خوفاً أن يكره في الإسلام، فأعلمهم صلى الله عليه وسلم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم استحباباً أن يغذوه، ثم يحمل عليه في سبيل الله. قال النووي في شرح مسلم: وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا فرع " أجاب الشافعي عنه: أي لا فرع واجب، نفى الوجوب، ثم قال: والصحيح عند أصحابنا وهو نص الشافعي استحباب الفرع انتهى. وقال أبن سراقة: آكَدُ الدماء المسنونة الهدايا ثم الضحايا ثم العقيقة ثم العتيرة ثم الفرع انتهى.
الثالثة:
قال النووي في شرح مسلم: والعتيرة ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب، ويسمونها الرجبية أيضاً. وأتفق العلماء على تفسير العتيرة بهذا، ثم قال بعد أسطر: والصحيح عند أصحابنا وهو نص الشافعي استحباب العتيرة، وأن قوله صلى الله عليه وسلم: " لا عتيرة " أي واجبة، بل نص على أنها إن تيسرت كل شهر كان حسناً. انتهى. وذهب بعضهم إلى إنها مكروهة.
ويسمى رجب بالأصم أيضاً لأنهم كانوا يتركون القتال فيه، فلا يسمع صوت سلاح ولا استغاثة. وهو استعارة، وتقديره يصم الناس فيه، كما قالوا ليل نائم أي ينام فيه. وبالأصب بالباء لأن كفار مكة كانت تقول: إن الرحمة تصب فيه صباً. وقد نهينا عن موافقتهم فيما يعتقدونه، ولهذا نسبه الشارع صلى الله عليه وسلم في الصحيحين إليهم فقال: " رجب مضر ". وبرجم بالميم، لأنه ترجم فيه الشياطين أي تطرد. وبالهرم، لأن حرمته قديمة من زمن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وبالمقيم، لأن حرمته قديمة من زمن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وبالمقيم، لأن حرمته ثابتة لم تنسخ، لأنه أحد الأشهر الأربعة الحرم. وبالمعلى، لأنه رفيع عندهم فيما بين الشهور. ومُنصِل الأسنة بكسر الصاد مخففة ويقال مشدّدة. قال الهروي وغيره: انصلت الرمح، نزعت نصله، ونصلته جعلت له نصلاً. وبمنصل الألّ: والألًّ هنا: جمع ألّه، وهي الحربة. وبالمبرئ، لأنه كان عندهم في الجاهلية من لا يستحل القتال فيه برئ من الظلم والنفاق. وبالمقشقش، لأنه به كان يتميز في الجاهلية المتمسك بدينه، من المقاتل فيه المستحل له. وبالعتيرة، لأنه كان في الجاهلية يسمى بذلك. وقد وصلت أسماؤه إلى ثمانية عشر في خبر أسورة الذهب.
الرابعة: