استقبال المهاجر:
ما أطول سويعات الانتظار، وما أشدها على قلوب المحبين، فكم من مرة وقف فيها محمد بن مسلمة يتطلع نحو الأفق لعله يكون أول من يرى رسول الله قادماً من مكة، لقد آن أوان العمل والجد من أجل الإسلام ودعوته، لقد عاهد محمد بن مسلمة نفسه وربه على أن يلازم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في روحاته وغدواته، فيكفي ما فاته من لقائه يوم العقبة الثانية.
وتطلع أبو عبد الرحمن نحو الأفق، إنه يرى موكباً، إنه يسمع مصعباً وهو يقول: هـ هذا موكب رسول الله سيد ولد آدم وخاتم رسل رب العالمين.
ويتطلع أبو عبد الرحمن إلى الموكب، يا له من موكب بسيط في مظهره عظيم في جوهره، موكب من ثلاثة نفر يقترب من ثنية الوداع، لا فلنسمها اليوم ثنيّة الاستقبال ثنية الفرح والسرور، ثنية الفجر الجديد الذي أطل على يثرب وأهل يثرب.
وارتفعت أصوات الناس تسأل: أيهم رسول الله؟ ويتطلع أبو عبد الرحمن نحو الركب، ويتذكر صفة رسول الله كما سمعها من مصعب بن عمير فيعرف رسول الله ويقبل عليه في موكب الأنصار، فما أعظم لحظات اللقاء.