قال الحاضرون بصوت واحد: تكلمت بما في نفوسنا يا بن مسلمة، فصف لنا رسول الله يا بن عمير، اعتدل مصعب في جلسته وأطرق برأسه وأغمض عينيه كأنه يستحضر صورة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذهنه، ثم رفع رأسه وقال: رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبيض اللون مشرب حمرة، أدعج العينين (?) مقرون الحاجبين، سبط الشعر (?) ، كثُّ اللحية، بعيد ما بين المنكبين، كأن عنقه إبريق فضة، شئن الكف والقدم (?) ، إذا مشى كأنما ينحدر من صبب وإذا قام كأنما ينقلع من صخر، إذا التفت التفت جميعاً، كأن عرقه في وجهه اللؤلؤ، ليس بالقصير ولا بالطويل، بين كتفيه خاتم النبوة من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة أحبه، أجود الناس كفاً وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة وأرقى الناس بذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشرة، لم أر قبله ولا بعده مثله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

كان الصمت مخيماً على هذه الثلة من المؤمنين وهم يستمعون إلى هذا الوصف الرائع لرسول الله، وما إن انتهى مصعب من وصفه حتى هتفوا بصوت واحد: صلى الله عليك وسلم يا رسول الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015